وعلى هذا استقرَّ الحكمُ في حياتِه - ﷺ - بعدَ أن كانَ جملةُ الغنيمةِ له.
وأما بعدَ وفاته: فقد اتفقَ أهلُ العلمِ على أن الصَّفِيَّ ليسَ لأحدٍ بعدَه، إلا أبا ثَوْرٍ، فإنه قالَ: يجري مَجْرى سَهْمِه - ﷺ - (١).
ثم اختلفَ هؤلاءِ فقال بعضهم: يُرَدُّ على أصحابِ الخُمُسِ، فيقسَمُ على أربعةِ أَسْهُم (٢).
وربما نُسِبَ إلى الشافعيِّ (٣).
وقيل: يُقْسَمُ على ثلاثةِ أَسْهُمٍ؛ لأنَّ سَهْمَ ذَوي القُربى عندَ هؤلاءِ يَسْقُطُ بموته أيضاً (٤).
واستدَلُّوا بما رَوى محمدُ بنُ السائِب الكَلْبِيُّ عن أبي صالِح عن أُمِّ هانئٍ: أن فاطمةَ -رضي اللهُ تعالى عنها- أتتْ أبا بكرٍ تسأله سهمَ ذوي القربى، فقال لها أبو بكر -رضي الله تعالى عنه-: سمعتُ رسولَ اللهِ - ﷺ - يقولُ: "سَهْمُ ذَوي القُزى لهم حَياتي، وليسَ لهمْ بعدَ موتي" (٥).

(١) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٢٤٥)، و "المغني" لابن قدامة (٦/ ٣١٥).
(٢) انظر: "أحكام القرآن" لابن العرس (٢/ ٤٠١).
(٣) قال الماوردي: مذهب الشافعي: أن سهمه مصروف في مصالح المسلمين العامة. انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٨/ ٤٤١).
(٤) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٢٠/ ٤٥)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢٠/ ٤٥).
(٥) رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (٢١٢٨). قال ابن حجر في "المطالب العالية" (٩/ ٥٢١): "قلت: هذا اللفظ لم يخرجوه، وابن السائب هو الكلبي متروك".


الصفحة التالية
Icon