قلنا: هذا التأويلُ بعيدٌ مردودٌ بِما سأذكرهُ في الفَيْءِ -إنْ شاءَ الله تعالى-.
وأما ذَوو القُرْبى:
فقال الشافعيُّ، وأحمدُ، وأبو ثَوْرٍ، وأكثرُ العلماءِ: هم بنَو هاشِمٍ، وبنو المُطَّلِبِ (١).
لما روى جُبَيْرُ بنُ مُطْعِمٍ قال: مشيتُ أنا وعثمانُ بنُ عفانَ إلى النبيِّ - ﷺ -، فقلنا: أعطيتَ بَني المُطِّلِبِ منْ خُمُسِ خيبرَ، وتركتنا، ونحنُ بمنزلةٍ واحدةٍ منك! فقال: "إنما بنو هاشمِ وبنو المُطِّلِبِ شيء واحِدٌ"، وشَبَّكَ بينَ أصابِعِه. قال جُبَيْرٌ: ولم يَقْسمِ النبيُّ - ﷺ - لبني عبدِ شَمْسٍ وبَني نَوْفَلٍ شيئاً، خَرَّجَهُ البُخارِيُّ (٢).
وقال قومٌ: هم عامَّةُ قريشٍ؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ (٣) [الشورى: ٢٣].
وقال مالِكٌ: هم بنو هاشم خاصَّة، ويُروى عن الثوريِّ، والأوزاعيِّ (٤).
وهذه الأقاويلُ غَلَطٌ مُنابِذَةٌ للحديث الصحيح.
وقد قدمتُ ما قيلَ في بقاءِ سَهْمِهِم وسقوطه، فلا حاجةَ إلى إعادته.
وظاهرُ الآيةِ استحقاقُ ذَوي القربى: ذَكَرِهم وأنثاهم، كبيرِهم وصغيرِهم، وغَنِيِّهم وفقيرِهم، وهو كذلكَ.
(٢) رواه البخاري (٣٩٨٩)، كتاب: المغازي، باب: غزوة خيبر.
(٣) انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي (٣/ ٣٦٠)، و "الذخيرة" للقرافي (٣/ ٤٣٢).
(٤) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٨/ ١٢).