أَدْناهُمْ، وهم يَدٌ على مَنْ سِواهُمْ" (١) إلا ما حُكِيَ عنِ ابنِ الماجشونِ أنه وقفَهُ على إذنِ الإمامِ (٢)، وكذا وَقَفَهُ ابنُ حَبيبٍ على نَظَرِ الإمامِ (٣)، وهذا ليسَ بِصَحيحٍ؛ لإطلاقِ الأحاديثِ، ولأن النبيَّ - ﷺ - أجازَهُ وأَمْضاهُ، وقد فعلَه الصحابَةُ -رضي الله تعالى عنهم-، وأَمْضَوْهُ.
نعم، اختلفَ أهلُ العِلْمِ في الصِّفاتِ المُخِلَّةِ لمنصبِ الأمانِ مثلَ الأنوثةِ والرِّقِّ والصِّبا، فاعتبرهُ أبو حنيفةَ (٤)، ولم يعتبرْهُ مالِكٌ والشافِعِيُّ؛ لعمومِ الأحاديث (٥).
* وفي الآيةِ دَلالةٌ بطريقِ الإشارَةِ علي جَوازِ تَعْليمِ الكافِرِ القُرْآنَ إذا رَجَوْنا إسْلامَهُ، ولا يَجوزُ إذا خَشِينا استِخْفافهُ؛ فإنَّ السماعَ يلزَمُ منهُ الحِفْظُ لِكُلِّ ما سَمِعَ، ولا سِيَّما في حَقِّ بعضِ السامِعينَ الأذكياءِ (٦).
* * *
(٢) مذهب ابن الماجشون: أن أمان المرأة موقوف على جواز الإمام، فإن أجازه جاز، وإن رده رُدَّ؛ لأنها ليست ممن يقاتل، ولا ممن لهم سهم في الغنيمة. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٢٦٢)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٢٨٠).
(٣) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٨/ ٧٦).
(٤) عند الحنفية يجوز أمان المرأة، ولا يجوز أمان العبد. انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ١٠٦).
(٥) وهو مذهب الحنابلة. انظر: "الاستذكار" لابن عد البر (٢/ ٢٦٣)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (١٣/ ١٤٥)، و"المغني" لابن قدامة (٩/ ١٩٥).
(٦) واختلفوا في تعليم الكافر القرآن، فقال مالك: لا يعلم القرآن ولا الكتاب، وعن الشافعي روايتان، أحدها الكراهية، والأخرى الجواز. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٢٢)، و"فتح الباري" لابن حجر (٦/ ١٠٧).