وأجابوا بمنعِ الاحْتِجاجِ في المُرْسَل، وإن سلمَ، فهو لا يقاوِمُ المُسْنَدَ، وبأنَّ حديثَ ابنِ عَبَّاسٍ يرويه ابنُ أبي الزِّنادِ، وقد كانَ اخْتَلَّ في آخرِ عُمُرِهِ، وقد كانَ شُعْبَةُ لا يَطْعُنُ فيه.
* فإن قلتَ: نهى الله سبحانَه نبيَّهُ - ﷺ - عن الصَّلاة على المُنافقين؛ لِما فيه من الاستِغْفار لهم، فما مَعْنى المَنْعُ منَ القِيام على قُبورِهم؟
قلنا: العِلَّةُ فيها واحدةٌ، والمَنْعُ لأجلِ الاستِغْفار لهم؛ فقدْ كان النبيُّ - ﷺ - يقفُ على القبرِ بعدَ الدَّفْنِ، ويدعو للميِّتِ بالتَّثْبيتِ (١).
وأما القيامُ على قُبورِهم من غيرِ استغفارٍ، فلا حَرَجَ فيه؛ فقدْ كانَ مَوْضِعُ مَسْجِدِ رسولِ اللهِ - ﷺ - قُبورًا للمشركين.
وفي هذا دَلالَةٌ على أَنَّ حكمَ القِيام على القبورِ بالصَّلاةِ والاستغفارِ كَحُكْمِ الصَّلاةِ على المَيِّتِ قبلَ الدَّفْنِ، وبهِ قالَ الشافعيُّ وأحمد (٢) وأبو داودَ (٣)، وجماعةٌ، ورُوي ذلكَ من فعل النبي - ﷺ -.
(١) رواه أبو داود (٣٢٢١)، كتاب: الجنائز، باب: الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٥٦)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (٣٨٨)، عن عثمان بن عفان قال: كان النبي - ﷺ - إذا فرغ من دفن الميت، وقف عليه، فقال: "استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل".
(٢) "وأحمد": ليس في "أ".
(٣) انظر: "الأم" للشافعي (١/ ٢٧١)، و"معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٣/ ١٧٤)، =