وقد بين النبيُّ - ﷺ - ذلك (١) عن الله سبحانَه.
روى هشامُ بنُ عروةَ، عن أبيه قال: قالت عائشة: يا بنَ أختي! كان رسول الله - ﷺ - لا يُفَضِّلُ بَعْضنا على بَعضٍ في القَسْمِ منْ مُكْثِه عندَنا، وكان قَلَّ يومٌ إلا وهو يطوفُ علينا جَميعاً، فيدنو من كلِّ امرأة من غير مَسيس، حتى يبلغَ التي هو في يومها، فيلبَثُ عندَها، ولقد قالَتْ سَوْدَةُ بنتُ زَمْعَةَ حينَ أَيِسَتْ (٢) وفَرِقَتْ أن يفارقَها رسولُ الله - ﷺ -: يا رسول الله! يومي لعائِشةَ، فقبلَ ذلكَ رسولُ الله - ﷺ -، وقالت: تقول: في ذلكَ أنزلَ اللهُ، وفي أشباهها، أراهُ قال: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ [النساء: ١٢٨] الآية (٣).
وقد عُلِم هذا من بيانِ الآيةِ التي قبلها.
وأما قولُه تعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ١٢٩]، فالمراد به العدلُ بينهنَّ بميلِ القلبِ والمحبَّةِ، فذلك غيرُ داخلٍ تحتَ

= منه: أن الوفاء بحقوق الزوجة إحسان من الزوج، وليس كذلك، بل المعنى والله أعلم: ﴿إن تُحْسِنوُاْ﴾ إلى زوجاتكم بزيادة المعروف وإحسان العشرة والصحبة و ﴿وَتَتَّقُوا﴾ الله فيهن بما لا يجوز فعله من النشوز والإعرض وعدم والوفاء بحقوقهن ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾.
وقد قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: وإن تتجشموا مشقة الصبر على ما تكرهون منهن وتقسموا لهن أسوة أمثالهن، فإن الله عالم بذلك وسيجزيكم على ذلك أوفر الجزاء. انظر: "تفسير ابن كثير" (١/ ٥٦٤).
(١) ذلك " ليس في "أ".
(٢) في "ب": "أسنّت".
(٣) رواه أبو داود (٢١٣٥)، كتاب: النكاح، باب: في القسم بين النساء، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٧٤)، بهذا السياق.


الصفحة التالية
Icon