وفي الأموالِ الباطنةِ خِلافٌ عندَ الشافعيةِ والمالكية (١).
واختلفَ قولُ الشافعيِّ في وُجوبِ الدفعِ إلى الإمامِ من غيرِ طَلَبٍ، وتفصيلُه مذكور في كُتُبِ الفقهِ.
* * *
١٧٩ - (٢٥) قوله عَزَّ وجَلَّ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣)﴾ [التوبة: ١١٣].
* منع اللهُ سبحانَهُ نبيَّه - ﷺ - من الاستِغْفار للمشركينَ إذا ماتوا على شِرْكِهم؛ لأنهُ وقتُ التبيُّنِ لهم أَنَّهم من أصحابِ الجحيم.
* ومفهومُ الآيةِ يدلُّ على أنهُ يجوزُ أن يستغفرَ لهم قبلَ التبيُّنِ، ولا خفاءَ في جوازه؛ إذ الغفرانُ لهم يستلزمُ إسلامَهم، وقدْ قالَ النبيُّ - ﷺ - يومَ أُحُدٍ حين شُجَّ وكُسِرَتْ رَباعِيَتُهُ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمي؛ فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمونَ" (٢)، إلا

= أما عند الإمام أحمد فلا يجب دفعها إليه إذا طلبها، وتفريقها بنفسه أفضل، انظر: "الفروع" لابن مفلح (٢/ ٤٢٣)، و"المغني" لابن قدامة (٢/ ٢٦٧)، و"كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٢٥٩).
(١) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٣/ ١٨٥)، و"المجموع" للنووي (٦/ ١٥٠).
(٢) رواه البخاري في "صحيحه" (٤/ ١٤٩٣) معلقًا، ومسلم (١٧٩١)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة أحد، عن أنس بن مالك: أن رسول الله - ﷺ - كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في رأسه، فجعل يمسح الدم عنه ويقول: "كيف يفلح قوم شجوا نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله؟! " فأنزل الله- عز وجل -: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾. وقد روى البخاري (٣٢٩٠)، كتاب: الأنبياء، باب: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ﴾، ومسلم (١٧٩٢)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة أحد، عن عبد الله بن مسعود قال: كأني أنظر إلى النبي - ﷺ - يحكي نبيًا من الأنبياء، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه =


الصفحة التالية
Icon