أبو داودَ عن عبدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ قال: قُرئ علينا كتابُ رسولِ الله - ﷺ - بأرضِ جُهَيْنَةَ، وأنا غلامٌ شابٌّ: أَلَّا تسْتَمْتِعوا منَ المَيْتةِ بإهابٍ ولا عَصَبٍ (١).
وفي بعض رواياتِه: قَبْلَ موتِه بشَهْرٍ (٢).
وهذا القول ضعيفٌ؛ لأنَّ يحيى بنَ معينٍ ضَعَّفَ هذا الحديثَ، وقال: ليسَ بشيءٍ، إنما يقولُ: حَدَّثَنا الأَشْياخُ، وإن كانَ ثابِتًا، فالإهابُ إنَّما يقعُ على ما لَمْ يُدْبَغْ، وإن أُطْلِقَ عليهِ وإطلاقُه مقيَّدٌ بقولهِ - ﷺ -: "أَيُّما إهابٍ دُبغَ فقدْ طَهُرَ" (٣)، فهذا عمومٌ مُؤَكَّدٌ بـ (ما) الزائدةِ، مُقَيَّدٌ بالدِّباغِ، محكومٌ له بالطهارة، يكادُ يُشارِفُ النَّصَّ.
* ولأجل هذا اختلفوا في جلدِ الكلبِ والخِنْزيِر هل يَطْهُرانِ بالدِّباغ أو لا؛ فذهبَ داودُ وسحنونٌ وابنُ عبدِ الحكمِ إلى طهارتهِ؛ عملًا بعُموم هذا الحديثِ (٤).
ومنعَهُ الشافعيُّ مُطْلَقًا؛ لأنه -وإنْ كانَ عامًا - فلا يتناولُ صورةً نادرةً؛ لأنَّ العربَ لم يعتادوا الانتفاعَ بجلد الكَلْبِ والخِنزير ودباغِه، ولأنه ليسَ

(١) حصل في نسخة "ب" هنا سقط كبير، يبتدأ من قوله "عصب" إلى قول المؤلف: "جاز لك تقديم أيهما شئت؛ لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾ ".
(٢) رواه أبو داود (٤١٢٧، ٤١٢٨)، كتاب: اللباس، باب: من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة، والنسائي (٤٢٤٩)، كتاب: الفرع والعتيرة، باب: ما يدبغ به جلود الميتة، والترمذي (١٧٢٩)، كتاب: اللباس، باب: ما جاء في لبس الفراء، وابن ماجه (٣٦١٣)، كتاب: اللباس، باب: من قال: لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "التمهيد" لابن عبد البرّ (٤/ ١٧٨)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٠/ ١٥٨).


الصفحة التالية
Icon