(من أحكام المعاملات)
١٨٥ - (٤) قولِهِ جَلَّ جلالُهُ: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٦)﴾ [النحل: ١٠٦].
* أقولُ: أجمعَ الفقهاءُ واتفقوا على أنَّ الإكراهَ مسقِطٌ لأثرِ القولِ (١)، وإن كان عَظيمًا كما ذكره الله سبحانَه.
قال النبيَّ - ﷺ -: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتي الخَطَأُ والنِّسيانُ وما اسْتكرِهوا عليهِ" (٢).
وسبب الآية ما رويناه في قصةِ عَمّارِ بن ياسرٍ أَنَّ المشركينَ أَخذوهُ، فلم يتركوه حَتَّى سَبَّ النبىَّ - ﷺ -، وذكرَ آلِهَتَهُمِ بِخيرٍ، ثم تركوهُ، فقالَ النبيَّ - ﷺ -: "يا عَمّارُ! ما وراءَكَ؟ " قال: شَرٌ، يا رسولَ الله ما تُرِكْتُ حتى نِلْتُ منكَ، وذكرْتُ آلهتَهُم بخيرٍ، فقال: "كيفَ تجدُ قلبَكَ؟ " قلت: مُطْمَئِنًا بالإيمان، قالَ: "إن عادُوا فَعُدْ"؛ فأنزلَ اللهُ عزَّ وجَلَّ ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ ذلك عمارُ بنُ ياسرٍ، ﴿وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا﴾ ذلكَ عبدُ اللهِ بنُ أبي سَرْحٍ (٣).

(١) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٠/ ١٨٢).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) رواه الحاكم في "المستدرك" (٣٣٦٢)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" =


الصفحة التالية
Icon