ويحتمل أن يكونَ (١) المرادُ ما غلبَ عليه الاستعمالُ، وهذا قولُ قَتادة (٢).
ويحتمل أن يرادَ به الأمرانِ جميعاً (٣).
* ولا شكَّ أن الوفاءَ بجميع ذلكَ واجبٌ (٤).
فأما عقودُ الحلفِ؛ فلقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ [النحل: ٩١]، وقوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [النساء: ٩٠]، وقوله تعالى: ﴿فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [الأنفال: ٧٢]، وقوله تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ [الأنفال: ٥٨]، وغير ذلك من الآيات والآثار.
والعلمُ يحيط بأن الوفاءَ بالعهدِ من مَعالم الدينِ، ومَكارِم الأخلاق، وقيامِ السياساتِ، فيجب على كل مؤمن من إمامٍ وغيرِه الوفاءُ بما عاهدَ (٥) عليهِ، ما لم يكنِ الشرطُ حراماً.
وخرج مسلمٌ في "صحيحه" عن حذيفةَ بن اليمانِ -رضي الله تعالى عنه- قال: ما منعني أن أشهدَ بَدْراً إلا أني خرجْتُ أنا وأبو حلسٍ، قال: فأَخَذَنا كُفّارُ قريش، فقالوا: إنكم تريدون محمداً؟ قلنا: ما نريدُه، وما نريدُ إلا

(١) في "ب" زيادة: "هنا".
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٦/ ٤٨).
(٣) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (٢/ ١٤٣)، و"التفسير الكبير" للرازي (٣/ ٤٢٨).
(٤) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٧/ ٩٨)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (١٤/ ٢٦٩).
(٥) في "ب": "عاقد".


الصفحة التالية
Icon