لكن قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: بُكَيْرُ بنُ الأخنس ليس بحجَّةٍ فيما يتفردُ بهِ (١).
وحكيَ عن ابنِ عباس - رضي الله تعالى عنهما - أنَّ المراد بالقَصْر هو الإيماءُ عندَ الخوفِ راكباً (٢).
- وذهب قومٌ إلى أنه شرطٌ للتعليقِ بالحكم الذي بعدَهُ، فهو ابتداءُ كلامٍ مُتَّصِلٍ بما بعدَهُ، منقطعٍ عما قبله (٣).
وروي عن أبي أيوبَ الأنصاريِّ - رضي الله تعالى عنه -: أنه قال: نزل قوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاة (١٠١)﴾ [النساء: ١٠١] هذا القَدْرُ، ثم بعدَ حَوْلٍ سألوا رسولَ الله - ﷺ - عن صلاةِ الخَوْفِ فنزل (٤): ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ
(٢) ورجح الطبري هذا القول. انظر: "تفسير الطبري" (٥/ ٢٤٩). وانظر: "المحلى" لابن حزم (٥/ ٣٥).
(٣) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٣٦٢)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (٣/ ٣٥٣).
(٤) جاء على هامش "ب": " {إِنْ خِفْتُمْ﴾ الآية، لا تنزلوا متفرقة، كما قال الشافعي، فتنظر في كتب بيان عدد الآي، لكن الذي رأيته في كتاب الإمام أبي عمرو الداني في آي القرآن أن قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ إلى ﴿مُهِينًا﴾ آية واحدة، ولم يذكر فيه خلافاً، فإن صح تأخر إنزال (إن خفتم) فهو إلحاق شرط لا أنه آية أخرى، ولم يختلف أهل العدد فيما نعلم أنه آية واحدة، فيكون التقدير: أنه نزل قوله: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (١٠١)﴾ ثم نزل قوله: ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وهو للتغليب لا للتعليق، أو يقال: بأن من رأى تأخره لم يعلم به إلا بعد سنة، والله أعلم".