* ثم أمرنا الله سبحانه باصطياد الصيدِ إذا حللنا.
وقد أجمع العلماء على أن الأمر في ذلك للإباحةِ، وعلى تحليلِ الاصطياد بعدَ التحلل (١).
وفي ظني اتفاقُهم على تحريمِ الاصطيادِ حتى يكونَ التحليلُ الأكبر (٢)؛ لإشعارِ قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢]، بذلك، فإنه لا يُسَمّى حلالاً قبل ذلك وإن رَمَى (٣) دون رَمْيِ جمرةِ العقبة، ولقوله تعالى: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ [المائدة: ٩٦]، وما لم يتحلل التحليلَ الأكبرَ، فهو مُحَرمٌ، بدليل اتفاقهم على تحريم النساء.
فإن قيل: فقد روي عن ابنِ عباس: أن هذهِ الآيةَ نزلَتْ لمَّا هَمَّ المُسلمون أن يُغيروا على أهل اليمامة حين أَتوا البيتَ الحرام، ومعهم

= للبغوي (٢/ ٧).
(١) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٥/ ١٤٢)، و"أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٢٨٣)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٣٨٢).
(٢) بل صورتها: من رمى الجمرة ثم حلق أو قصر ونحر هدياً: إن كان معه فهل يحل له الصيد؟ ففيها أربعة أقوال:
أحدها: قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه من رمى جمرة العقبة فقد حل له كل ما حرم عليه إلا النساء والطيب.
والثاني: إلا النساء والطيب والصيد، وهو قول مالك.
والثالث: إلا النساء والصيد، وهو قول عطاء وطائفة.
والرابع: إلا النساء خاصة، وهو قول الحنفية والشافعي وأحمد.
انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٤/ ٢١٨)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٣٥٨)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٢٧١)، و"حاشية الدسوقي" (٢/ ٣٦)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٥١٧)، و"الكافي" لابن قدامة (١/ ٤٤٨) و"روضة الطالبين" للنووي (٣/ ١٠٤).
(٣) "قبل ذلك وإن رمى" ليس في "أ".


الصفحة التالية
Icon