وبين النبيُّ - ﷺ - ذلكَ كما أحلَّه الله تُعالى، فقال لأبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ لما سأله: "فَما أَصَبْتَ بقوسِكَ فاذْكُرِ اسمَ اللهِ -عزَّ وجَلَّ-، ثم كُلْ، وما أَصَبْتَ بكلبِك المُعَلَّمِ، فاذْكُرِ اسمَ اللهِ -عزَّ وجَلَّ-، ثم كلْ، وما أصبتَ بكَلْبكَ الذي ليسَ بمُعَلَّمٍ، فأدركْتَ ذكاتَه، فَكُلْ" (١).
* وقد اتفق العلماءُ على أن التعليمَ المذكورَ في الآية والحديثِ للاشتراطِ والتقييدِ، فيحل صيدُ المُعَلَّمِ، ويحرمُ صيدُ غيرِ المعلم، إلا أن يدركَ ذكاتَه.
والحكمة في ذلك أنه يصير (٢) كسائرِ الآلاتِ التي لا اختيارَ لها، فيشترطُ فيه أن يُجيبَه إذا دعاه، وأن ينبعثَ إذا أشلاه (٣)، وأن ينزخر (٤) إذَا زجرهُ.
* ثم لمّا خصصَ الله سبحانه تحليلَ صيدِها بكونِه مُمْسَكًا عَلينا، فهمنا تحريمَ ما أمسكتهُ الجائعة على غيرنا، وقد بينه النبيُّ - ﷺ - كذلك، فقال لعديِّ بنِ حاتِمٍ -رضي الله تعالى عنه- لما سأله: "إذا أَرْسَلْتَ كلْبَكَ، وذكرتَ اسمَ الله، فكلْ، فإن أكلَ منهُ، فلا تأكلْ منه (٥)؛ فإنما أمسكَ على نفِسه" قلت: فإن وجدْتُ مع كلبي كَلْبًا آخَرَ، فلا أدري أَيُّهما أخذَ، قال:
(٢) في "ب": "أن تصير".
(٣) أشلاه: أشليتُ الكلبَ على الصيدَ: أغريته. "اللسان" (مادة: شلى) (١٤/ ١٤٤).
(٤) في "أ ": "يزدجر".
(٥) "منه" ليست في "ب".