غالباً، ويدل على ذلكَ بيانُ النبيِّ - ﷺ - بقوله، أنَّ الشرطَ ليسَ للاعتبارِ والتعليق.
قال يَعْلَى بنُ أُمَيَّةَ: قلتُ لعمرَ بنِ الخَطَّاب - رضي الله تعالى عنه -: إنما قالَ الله تعالى: ﴿أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء: ١٠١]، فقد أمنَ الناسُ، فقالَ عمرُ: عجبتُ من الذي عجبتَ منه، وسألتُ النبيَّ - ﷺ -، فقال: "صَدَقةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بها عليكُمْ، فاقْبَلُوا صَدَقَتهُ" (١).
وقال ابنُ عباسٍ - رضي الله تعالى عنهما -: سافرنا معَ رسولِ الله - ﷺ - بينَ مكةَ والمدينة آمنينَ لا نخافُ إلا اللهَ تعالى، نُصَلِّي ركعتين (٢)
ورفعُ الجُناح عن المُصَلِّي إذا قَصَرَ الصلاةَ يدلُّ على جواز القصرِ، ولا يدلُّ على وجوبه، لأن رفعَ الجُناح موضوعٌ لإباحة الشيء، لا لوجوبه.
* وقد اختلفَ الفقهاءُ في القصر، هل هو رخصة، أو عزيمة؟
١ - فقال الشافعيُّ: هو رخصةٌ، إما على تقدير أنها رخصةٌ جائزةٌ، أو مستحبةٌ؛ كما هو المشهورُ عند أصحابه كما سيأتي -إن شاء الله تعالى (٣) -.
واستدلَّ بظاهرِ اللفظِ في الآيةِ، وبحديثِ يَعْلَى بنِ أميةَ، وبقولِ عائشةَ -رضي الله تعالى عنها -: كُلَّ ذلكَ قدْ فعلَ رسولُ اللهِ - ﷺ -، أتمَّ في السفر،
(٢) رواه النسائي (١٤٣٦)، كتاب: تقصير الصلاة في السفر، في أوله، والإمام أحمد في "المسند" (١/ ٣٦٢)، دون قوله: "آمنين".
(٣) وهو قول أحمد. انظر: "الأم" للشافعي (١/ ١٧٩)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٦١٥).