وهذا الجوابُ مدخولٌ، فلهم أن يقولوا: الرحم ليسَ بمجملٍ، بل هو عامّ بين في لسانِ العربِ، وإنما المُجْمَلُ المراتِبُ التي أرادَها اللهُ سبحانَه لَمّا عَلِموا أنَّ استحقاقَ الإرثِ يختصُّ به بعضُ الرحمِ دونَ بعضٍ، فَبيَنَ اللهُ سبحانه مَراتِبَ الأَقْربينَ، ومقاديرَ أَنْصِبائِهم أيضاً (١).
وبَيَّنَ النبيُّ - ﷺ - معَ كتابِ اللهِ سبحانه أَنَّ "ما أبْقَتِ الفرائضُ فَلأَولى عَصَبةٍ ذَكرٍ" (٢).
وأما توريثُ الزوجِ والزوجةِ، فإن الله سبحانه أدخلَهم وأَشْرَكَهم مع أُولي الأَرحام، وكذا المَوْلى بَيَّنَ النبيُّ - ﷺ - أنه داخل في التوريثِ، وأنَّ الوَلاءَ لُحمَة كَلُحمَةِ النَّسَبِ، لا تبُاع ولا تُوَرَّثُ (٣)، وقالَ - ﷺ -: "إنَّما الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" (٤)، فَخَصَّ الكتابُ والسنَّةُ عُمومَ الكتابِ، والمعنى: وأُولو الأرحامِ بعضُهم أَوْلى ببعضٍ ما لم يكنْ معهُم زوج ولا زوجة ولا مَوْلًى.
وهذا الجوابُ في المَوْلى على رأيِ الكوفيين.
وأما على مذهبِ الصَّحابةِ -رضيَ اللهُ تعالى عنهم-، فلا يلزمُ الاعتراضُ بالمَوْلى؛ لأن ذا الرَّحِمِ عندَهُم مُقَدَّمٌ على الوَلاء عَلى مُقْتَضى الخِطاب في التَّنْزيلِ، فعن إبراهيمَ قال: كانَ عمرُ وعبدُ الله يُوَرِّثانِ الأرحامَ دُونَ المَوالي، وكان عَلِيّ أشدَّهم في ذلكَ (٥)، وأُتِي سُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ في ابنةٍ
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) في "ب": "توهب".
(٤) رواه البخاري (٤٤٤)، كتاب: المساجد، باب: ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد، ومسلم (١٥٠٤)، كتاب: الطلاق، باب: "إنما الولاء لمن أعتق"، عن عائشة.
(٥) رواه الإمام الشافعي في "الأم" (٧/ ١٧٩)، وسعيد بن منصور في "سننه"=