يا رسولَ الله! إنما يَرِثنُي كَلالَةٌ، وإنَّما قالَ هذا بعدَ أن قُتِلَ أبوه يومَ أُحُدٍ؛ بدليلِ قوله: وإنَّما يرثنُي كَلالَةٌ] (١) (٢).
وهذا الجوابُ لا شِفاءَ فيه؛ لأن آياتِ الفرائضِ لا تُعارِضَ قضاءَ النبيّ - ﷺ - حتى تنسَخَهُ؛ فإنَ النبي - ﷺ - لم يقضِ بميراثِه لابنِ أختِهِ إلَّا بعدَ أَنْ سألَ عَنْ نَسَبه، فَقَضاؤه لا يخالِف القرآنَ، ولا يُعارضُه، والأحسنُ أن يقال: إنه مرسَلٌ.
وأما حديثُ المِقدادِ، فقدْ كانَ يَحيى بنُ معينٍ يُضعْفُه (٣).
وأما حديثُ عمرَ، فقد قيلَ: إنه من بابِ اختيارِ الإمامِ، فكأنه اختارَ وَضْعَ مالِه فيه إذا لم يكنْ له وارثٌ سِواهُ، ورآهُ من المصلحةِ، وإن كانَ لا يستحق إرثاً (٤)؛ كما رويَ عن عائشةَ -رضي الله تعالى عنها-: أنَّ رجلاً وقعَ من نَخْلَةٍ، فماتَ وتركَ شيئا، ولم يَدَعْ ولداً ولا حَميماً، فقالَ النبي - ﷺ -: "أَعْطُوا ميراثَهُ رَجُلاً منْ أهلِ قَرابَتِهِ" (٥).
وهذا الجوابُ فاسِدٌ؛ لأنَّ النبيَّ - ﷺ - أعطاهُ، وجعلَهُ وارثَ مَنْ لا وارِثَ لَهُ، فسمَّاهُ وارِثاً، وجعله مستحِقًّا.
ورواه عمرُ -رضيَ اللهُ تعالى عنه- من قولِ النبيّ - ﷺ -.

(١) ما بين معكوفتين ليس في "ب".
(٢) انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (٦/ ٢١٦).
(٣) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٥/ ٨٢).
(٤) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٥/ ٨٣).
(٥) رواه أبو داود (٢٩٠٢)، كتاب: الفرائض، باب: في ميراث ذوي الأرحام، وابن ماجه (٢٧٣٣)، كتاب: الفرائض، باب: ميراث الولاء، والإمام أحمد في "المسند" (٦/ ١٣٧)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣١٥٨٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٤٣).


الصفحة التالية
Icon