وأَشْعَرونا بالنَّبْلِ، وقد كفَفْتُ يدي ما استطعتُ، فقال رسولُ الله - ﷺ -: "قضاءُ اللهِ خَيْرٌ" (١).
وقال الجمهورُ من الفقهاءِ وأَهْلِ السِّيَرِ: فتحَها عَنْوَةً، حتى ادَّعى الماورديُّ انْفِرادَ الشافعىِّ بمقالتِه (٢).
والصحيحُ ما ذهبَ إليهِ أبو عبدِ اللهِ؛ فإنه لو دخلَها عَنْوَةً، لَقَسَمَ غَنائِمها بينَ المسلمينَ، ولم يُنْقَلْ أنه قَسَمَ شيئاً، لا مِنْ دُورِها وعَقارها، ولا مِنْ شيءِ من أموالِها.
ويدلُّ للشافعيِّ أيضاً عَزْلُ النبيِّ سعدَ بنَ عبادَةَ لمَّا قال: اليومُ يوم المَلْحَمَة، اليومُ تُسْتَحَلُّ الحُرْمَةُ (٣)، شكا أبو سفيانَ ذلكَ إلى رَسولِ اللهِ - ﷺ -، وناشَدُه اللهَ في قومِه، فعزلَهُ وجعلَ مكانه الزبيرَ بنَ العَوَّامِ (٤).
* وفي الآية دليل على تعلُّقِ العِقاب على مجردِ إرادةِ المَعْصِيَةِ بمكةَ، وأن ذلكَ حكمٌ يختصُّ (٥) بِها من دُونِ سائر البلادِ.
(٢) انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٣/ ٣١١)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٢٧٢)، و "الكشاف" للزمخشري (٤/ ٣٤٤)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٥٨)، و "المغني" لابن قدامة (٤/ ١٧٨)، و "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ١١)، و"شرح فتح القدير" للكمال بن الهمام (٥/ ٤٧١)، و "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ١٥٠)، و "مواهب الجليل" للحطاب (٥/ ٤٢٣).
(٣) في "ب": "المحرمة".
(٤) رواه البخاري (٤٠٣٠)، كتاب: المغازي، باب: أين ركز النبي - ﷺ - الراية يوم الفتح، من حديث عروة بن الزبير.
(٥) في "ب": "مختص".