الثاني: أمرهم اللهُ سبحانَهُ إذا خاطبوهُنَّ في أمر أَنْ يُخاطِبوهُنَّ من وَراءِ حجاب، وإنْ كُنَّ منَ القواعِدِ، وهذا خاصٌّ بأزواجِ النبيِّ - ﷺ -، وأما غيرُهُنَّ، فيجوزُ أن يُخَاطَبْنَ عندَ الحاجَةِ من دونِ حجابٍ إذا سَتَرْنَ ما سِوى الوَجْهِ والكفينِ، أو كُنَّ من القواعِدِ اللاتي لا يَرْجونَ نِكاحاً.
الثالث: أعلمَهُمُ اللهُ سبحانَهُ أنه ليسَ لهمْ أن يَنْكِحوا أزواجَهُ من بعدهِ أَبَداً؛ لأنهنَّ أُمَّهاتُ المؤمنينَ، وقد أجمعَ المُسلمونَ على تحريمِ أزواجِه اللَّاتي تُوُفَيَ عنهنَّ - ﷺ -.
ثم اختلفَ الفقهاءُ في مسألتين:
إحداهُما: المفارَقَةُ في حياتِه في تَحريمها خِلاف للشافعية، والصَّحيحُ المَنْصوصُ التَّحريمُ؛ لعمومِ قولي تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: ٦] (١).
الثانية: أَمَتُهُ المَوْطوءَةُ إذا فارَقَها بمَوْت أو غيرِه، في تحريمِها وَجْهانِ أيضاً (٢)، وأَصَحُّهُما (٣) عندي عدمُ التَّحَريمِ؛ لأنَّ الله سبحانَهُ خَصَّ الحُكْمَ بالأزواجِ، والقياسُ لا مَدخَلَ لهُ في الخَصائصِ، معَ تفريقِ اللهِ سبحانه بينَ الحرائرِ والإِماء في أَكْثَرِ الأحْكام في حَقّ غيرِه، فاعتبارُ الإماءِ بالحرائرِ ضعيفٌ، أو فاسدٌ؛ كَيْلا تكون أَمَته أُمّا للمؤمنين، ولَوْ فَرَّقوا بيَن مُسْتَوْلَدَتِهِ وغيرِها، لَكانَ حَسَناً، والله أعلم.
(١) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٩/ ٢٠)، و"روضة الطالبين" للنووي (١١/ ٧).
(٢) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٩/ ٢١).
(٣) في "ب": "وأرجحهما".