سعدٍ السّاعِدِيُّ قال: جاءَتِ امرأةٌ إلى رسولِ الله - ﷺ -، فقالتْ: إنني وَهَبْتُ نَفْسي لَكَ، وقامَتْ، فقالَ رجلٌ: يا رسولَ الله! زوِّجْنيها إنْ لمْ يكنْ لكَ بِها حاجةٌ، فقال: "هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شيْءٍ تُصدِقُها؟ "، قال: ما عندي إلا إِزاري هذا، فقالَ رسولُ اللهِ - ﷺ -: "إزارُكَ إنْ أَعْطَيْتَها جَلَسْتَ وَلا إزارَ لَكَ، فالْتَمِسْ شيئًا"، قَالَ: ما أجدُ، قال: "فالتمسْ ولَوْ خاتَمًا منْ حَديدٍ"، فالتمسَ فلم يجد شيئًا، فقالَ رسولُ اللهِ - ﷺ -: "زَوَّجْتكها بِما مَعَكَ مِنَ القُرآن" (١).
وأما الوِلايَةُ على المرأةِ، فإنَ الوليَّ المُجْبرَ لا يحتاجُ إلى استئمار البكرِ، فقدْ قَالَ بهِ الشافعي أيضًا (٢).
وأما العَمى، فلا يقدَحُ في الوِلايةِ على الأَصَحَّ عندَ أَصحابه -رحمهم الله تعالى- (٣).
وأما منعُه هو وغيرُه تزويجَ إحدى المرأتينِ، فإن نبيَّ الله - ﷺ - لم يُنْكِح إِحداهما مبهمةً، وإنما عَرَضَ على موسى - ﷺ - إِحداهُما، وخَيَّرَهُ بينَهُما، فأخبرَهُ أنَّه يريدُ إنكاحَه إحدى ابنتيه، والظاهرُ أن موسى - ﷺ - عَينَ إِحداهُما، وإن كان الإبهامُ جائزًا في شريعته، فقياسُ شريعتِنا أنه لا يجوز.
وأما منعُه لكونِ الصَّداقِ للوَليِّ؛ فإنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- نَهى عن نِكاحِ الشِّغار (٤).

= يبني لها دارًا، أو يخدمها شهرًا، أو يعمل لها عملًا... ، إلخ.
(١) تقدم تخريجه.
(٢) قال الشافعي في "الأم" (٥/ ١٦٧): ليس لأحد غير الآباء أن يزوجوا بكرًا حتى تبلغ ويكون لها أمر في نفسها.
(٣) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٩/ ٦٢).
(٤) رواه البخاري (٤٨٢٢)، كتاب: النكاح، باب: الشغار، ومسلم (١٤١٥)، كتاب: النكاح، باب: تحريم نكاح الشغار وبطلانه، عن عبد الله بن عمر.


الصفحة التالية
Icon