(من أحكام الجهاد)
٢٢٨ - (١) قوله جَلَّ جلالُهُ: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ٤].
* أقولُ: لمَّا نصرَ اللهُ عبدَهُ ورسولَهُ مُحَمَّدًا - ﷺ - يوم بدر، وقُتلَ مَنْ قتلَ، وأسرَ من أسرَ منَ المشركين، وفاداهم قبلَ الإثخانِ فيهم، عاتَبَهُ اللهُ سبحانَه على فعلِه، فقال: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ [الأنفال: ٦٧].
* ثمَّ بينَ اللهُ سبحانَهُ في هذهِ الآية أيضًا صِفَةَ النِّكايةِ في عَدُوِّهِ، وبينَ مَقامَ المَن والفِداء، فقال: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ [محمد: ٤]، أي: فافعلوا، حَتّى يضعَ المشركون أوزارَ حَربِهم من السلاحِ، فلا يقاتلونكم، إمّا بالدُّخول في الإسلام، أو ببذلِ الجِزْيَةِ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغرون (١).
وقيل: حَتّى تَضَعَ آثامَها، فلا يَبْقى على الأرضِ مشركٌ، وذلكَ بخُروج عيسى -عليه السلام (٢) -، روى ابنُ المُسَيّب عن أبي هُريرةَ -رضيَ اللهُ
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٢٦/ ٤٢).