* وقد استنبطَ الأوزاعيُّ من هذهِ الآيةِ وجوبَ كَفِّ القتالِ عن العَدُوُّ فيما إذا عَلَوُا الحُصونَ، وتَتَرَّسوا بالمُسلمين.
وقالَ الأوزاعيُّ: يكفُّ المسلمونَ عَنْ رَمْيِهِم، وإن بَرَزَ واحدٌ منهم رَمَوْهُ؛ فإنَّ اللهَ تَعالى يقول: ﴿وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ﴾ [الفتح: ٢٥] حتى فرغ الآية، فكيفَ يرمي المسلمونَ مَنْ لا يرميهم من المشركين؟ (١)
قال الشافعيُّ: والذي تأَوَّلَ الأوزاعيُّ يحتملُ ما تَأَوَّلَهُ عليه، ويحتملُ أن يكونَ كَفُّهُ عنهم لِما سبق في عِلْمِه منْ أنَّه سَيُسْلِمُ منهم طائفةٌ، والذي قَالَ الأوزاعيُّ أَحَبَّ إلينا إذا لم يكنْ بنا ضرورةٌ إلى قِتالِ أهلِ الحِصنِ، ولكن لو اضْطُرِرنا إلى قِتالهم بأنْ نخافَهُم على أنفسِنا إنْ كَفَفْنا عن حَربِهم، قاتلناهم، ولم نتَعَمَّد قتلَ المسلمِ، فإن أَصَبْناه (٢)، كَفرنا (٣).

(١) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٧/ ٣٤٩)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٢٧٤)، و "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٢٦).
(٢) في "أ": "أصبنا".
(٣) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٧/ ٣٤٩ - ٣٥٠)، و "الرد على سير الأوزاعي" لأبي يوسف (٦٦).


الصفحة التالية
Icon