(من أحكام مس المصحف)
٢٣٩ - ٢٤٠ (١ - ٣) قوله جَل جلالُهُ: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٧ - ٧٩].
* هذه الآيةُ اختلفَ فيها أهلُ التَّفْسيرِ: فقالَ ابنُ عباسِ، وأَنَسٌ، ومجاهِدٌ: المُطَهَّرونَ: هُمُ الملائكةُ المُطَهَّرونَ من الذّنوبِ، والكتابُ المَكْنونُ هو الَّذي في السَّماءِ (١)، وبهذا احتجَّ أهلُ الظاهرِ، فَجَوَّزوا للمُحدِثِ مَسَّ المُصحَفِ (٢).
وقال قومٌ: المُطَهَّرونَ أي: المُتَطَهِّرونَ بالماءِ (٣).
قَالَ سَلْمانُ الفارِسيُّ لقومٍ سألوهُ عَنْ آيِ القرآنِ، وأرادوا منهُ الوُضوءَ؛ لكونه حينئذٍ مُحدِثاً: سَلُوا؛ فإني لا أَمَسُّهُ، وإنه لا يَمَسّهُ إلا المُطَهَّرونَ (٤).
وإلى هذا ذهبَ جماعةٌ من الفُقهاء؛ كمالِكٍ، وأبي حنيفةَ، والشافعيِّ (٥).
(٢) انظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٧٧)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٣٠).
(٣) انظر: "الكشاف" للزمخشري (٤/ ٤٦٧)، و "المجموع" للنووي (٢/ ٩٠).
(٤) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١١٠٠)، والدارقطني في "سننه" (١/ ١٢٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٩٠).
(٥) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٣٠٠)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (١/ ٣٨٤)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٤٧٢).