* واختلفوا في جوازِهِ بعدَ الصَّلاةِ وقبلَ ذَبْح الإمامِ.
وسيأتي الكلامُ عليهِ في أَوَّلِ "سورةِ الحُجُراتِ" -إن شاءَ الله تَعالى-.
ثم اختلفوا هَلْ يَخْتَصُّ الذبحُ بالنَّهارِ في الأيام المعلوماتِ، أو يجوزُ بالليل؟ فالمشهورُ عن مالكِ وأصحابِه أنه لا يجوز الذبحُ بالليلِ، وبه قالَ أحمد في روايةِ عنه (١)، لأنَّ اسمَ اليوم لا يتناولُ الليلَ؛ بدليلِ قولهِ تعالى: ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧].
وخالفه الباقون كأبي حنيفةَ وأحمدَ والشافعي (٢)، ولهم أن يقولوا: اسمُ اليومِ يتناولُ الليلَ؛ بدليلِ قولهِ تعالى: ﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ﴾ (٣) [هود: ٦٥].
وإن سلموا، فدلالةُ الأيامِ على اختصاصِ النهارِ المتخلّلِ بينَ الليالي دُونَ الليالي دَلالةٌ (٤) ضعيفة لم يعتبرْها من أهلِ الأُصولِ إلَّا الدَّقَّاقُ؛ لأنها مفهومُ لقبِ غير مشتق.
وللمالكيةِ أن يقولوا: الأصلُ في هذهِ العباداتِ التي هيَ شعائرُ اللهِ تعالى التوقُّفُ، فَيُتَمَسَّكُ بمحَل الاتفاق حتى يقومَ الدليلُ على الجَواز، ثمَّ اشتقاقُ اسمِ الذبيحةِ منِ اسمِ الوقتِ الذي يفعلُ فيه يدلُّ على اختصاصهِا بالنهار، والله أعلم.
(٢) انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ٧٥)، و"المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٥٩)، و"روضة الطالبين" للنووي (٣/ ٢٠٠)، و"المحلى" لابن حزم (٧/ ٣٧٩).
(٣) في "ب" زيادة: "ذلك".
(٤) "دلالة" ليست في "ب".