وقد أجمَعَ أهلُ العلمِ على أنَّها على التَّرتيبِ كما بيَنَها اللهُ تَعالى (١).
وأطلقَ اللهُ سبحانَهُ الرَّقَبةَ، ولم يُقيِّدْها بالإِيمان كما قَيدَها في كَفّارَةِ القَتْلِ: فأخذ أبو حنيفةَ -رحمهُ اللهُ تَعالى- بالإطلاقِ، فأجازَ عتقَ الرقبةِ الكافرةِ ما لم تكنْ وثنيةً ولا مرتدة (٢).
والشافعي -رحمهُ اللهُ تَعالى- حملَ هذا الإطلاقَ على التقييدِ في القَتْل؛ كما هو مذهبُه، في حَمل المطلقِ على المقيدِ عندَ اختلافِ السبَبِ (٣).
ووافقَهُ مالكٌ على اشتراطِ الإيمانِ (٤).
فإن قلتَ: فهل تجدُ في السُّنَّةِ دليلاً على اشتراطِ الإيمانِ؟
قلت: نعم، رُوي عن معاويةَ بنِ الحَكَم قال: أتيتُ النبيَّ - ﷺ -، فقلتُ: يا رسولَ الله! إنَّ جاريةً لي كانَتْ ترعى غَنَماً، فَجِئْتُها وفقدتُ شاةً من الغنمِ، فسألتُها عَنْها، فقالَتْ: أكلَها الذئبُ، فأسِفْتُ عليها، وكنتُ من بني آدمَ، فلطَمْتُ وَجْهَها، وعليَّ رقبة (٥)، أَفَأُعْتِقُها؟ فقالَ لَها رسولُ اللهِ - ﷺ -: "أينَ الله؟ "، قالت: في السَّماءِ، فقال: "مَنْ أَنا؟ " فقالت: أنتَ رسولُ اللهِ (٦)، قالَ: "فَأَعْتِقْها؛

(١) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٠/ ٥١٢)، و"المبسوط" للسرخسي (٦/ ٢٢٥)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٨٣).
(٢) انظر: "الهداية" للمرغيناني (٢/ ١٩).
(٣) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٥/ ٢٨٠)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (١٥/ ٣٢٢).
(٤) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٨٤).
(٥) في "أ": "رقبتها".
(٦) في "ب" زيادة: "فصلَّى الله عليك".


الصفحة التالية
Icon