* وقد اتفقَ الناسُ أن الأمرَ للوجوب على أعيانِ المؤمنين.
ويروى عن مالِكِ -رحمَهُ اللهُ تَعالى- روايةٌ شاذَّة: أنَّ الجمعةَ مستحبّهٌ، وأن الأَمرَ على الاستِحْباب؛ تشبيهًا لها بصلاةِ العيدِ (١).
ويروى عن بعضِ أهلِ العلمِ أنها فرضٌ على الكِفَايةِ (٢).
* وقد اتفقَ أهلُ العلمِ على تَخْصيص هذا العُموِم، فأخرجَ منه المرأةُ والمريضُ.
فأما المرأةُ؛ فإنا لأنها غيرُ داخلةِ في خِطابِ الذُّكورِ، أو لأنَّ النساءَ كُنَّ يتركْنَ الحضورَ في الصَّدْرِ الأولِ، ولم يُنْكَرْ عليهِنَّ.
وأما المريضُ، فلكونهِ خارِجًا بعدَمِ استطاعةِ السعيِ (٣).
* واختلفوا في المُسافِرِ والعبدِ، فذهب داودُ إلى وجوبِ الجُمعة عليهما؛ لظاهرِ الآيةِ (٤).
وذهب الجمهورُ إلى عدمِ وجوبِها عليهما (٥)، واستدلوا بما رُوي عن النبيّ - ﷺ -: أنه قالَ: "الجُمُعَةُ حَقٌ واجِبٌ على كُل مسلمٍ، إلَّا على أَرْبَعَةٍ:

(١) قال بعض أهل الجهل: إنه روى ابن وهب عن مالك: أن شهودها سنة، فالجواب عن ذلك: أن شهودها سنة على أهل القرى الذين اختلف السلف والخلف في إيجاب الجمعة عليهم، وأما أهل الأمصار فلا. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٥٦)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ١١٣).
(٢) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٤/ ٢٥٢).
(٣) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٤/ ٢٥١)، "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ١١٣)، و"الهداية" للمرغيناني (١/ ٨٣).
(٤) انظر: "المحلى" لابن حزم (٥/ ٤٩)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ١١٤).
(٥) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٣٤٠)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (٢/ ٤٠٠).


الصفحة التالية
Icon