وبقولِ الشَّافعيِّ قالَ أحمدُ (١)، وهو قولُ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ (٢).
وأمَّا مالِكٌ، فلاحظَ المعنى، فلم يكتفِ بالأربعةِ، ولم يوجبِ الأربعين، بل اشترط جَمْعاً يمكنُ أن يتقرب بهم قربة اعتبارًا بمكانِ يجوز فيه الجمعةُ، وبمحلِّ استيطانِها (٣).
* وأمَّا محلُّ الاستيطانِ:
فقد اتفقَ عليه أهلُ العلمِ، والدليلُ عليه أنَّ النَّبي -صَلَّى الله عليه وسلم - جَمَّعَ بينَ الظُّهرِ والعَصْرِ يومَ عَرَفَةَ، ثم راح إلى الموقفِ، وكانَ ذلكَ يومَ جُمعة.
قال الشَّافعي: وقد كانَتْ مِنًى ينزلُها الحاجُّ، ما علمتُ رسولَ اللهِ - ﷺ - ولا أَحَداً من الأَئِمَّةِ صلَّى بها جمعةَ قطُّ، وعرفةُ هكذا أيضاً، ما علمنا أَحَداً صَلَّى بها جمعةَ قَطُّ (٤).
وزادَ أبو حنيفةَ فاشترطَ المِصْرَ والسُّلطانَ زيادةَ على الاستيطانِ (٥)، واستدل بما رُوي عن عَلِي -رضيَ اللهُ تَعالى عنه-: أنَّه قالَ: لا تشريقَ ولا جمعةَ إلَّا في مِصْر جامعِ (٦).
* وأمَّا المسجدُ.
(٢) انظر: "الأم" للإمام الشَّافعي (١/ ١٩٠)، وروي عنه التحديد بخمسين رجلاً.
انظر: "المحلى" لابن حزم (٥/ ٤٦)، و "المجموع" للنووي (٤/ ٤٢٢).
(٣) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٥٨).
(٤) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٢/ ٤٦٨).
(٥) انظر "المبسوط" للسرخسي (٢/ ٢٥)، و "شرح فتح القدير" لابن الهمام (٢/ ٥١).
(٦) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥٠٦٤).