جوازَ الانصرافِ بعدَ انقضاءِ الصَّلاة، قال (١) وقد أنكرَ بعضُ العلماءِ كونَ النبيِّ - ﷺ - خطبَ بعدَ صلاةِ الجُمعة لها (٢).
إذا علمتَ هذا ظهر لكَ من هذهِ القصة دلالة لمن يقولُ بانعِقاد الجمعةِ باثني عشرَ، وهي دلالةٌ قويَّةٌ، وجوابُ الشافعيِّ بأنه محمولٌ على أنهم رَجَعوا، أو رجعَ منهم تمامُ الأربعين دَعْوى لا برهانَ عليها.
* وفي الآيةِ دلالة على أن النبيَّ - ﷺ - كان يخطُبُ قائماً (٣)، وهو كذلكَ؛ كما قدمتُهُ من تَخْريجِ "مسلم"، ولنقلِ الخَلَفِ عن السَّلَفِ، ولا خِلافَ فيه عندَ أهلِ العلمِ.
دخل كَعْبُ بن عُجْرَةَ -رضيَ اللهُ تَعالى عنه- المسجدَ، وعبدُ الرحمن بنُ أُمِّ الحَكَمِ يخطُبُ قاعداً، فقال: انظروا إلى هذا الخبيثِ يخطبُ قاعِداً، وقد قالَ اللهُ عزَّ وجَل: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ (٤) [الجمعة: ١١]!
* * *
(٢) نقل قول القاضي عياض الإمام النووي في "شرح مسلم" (٦/ ١٥١ - ١٥٢).
(٣) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٤/ ٢٥٤)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٨/ ١١٤)، و "شرح مسلم" للنووي (٦/ ١٥٢).
(٤) رواه مسلم (٨٦٤)، كتاب: الجمعة، باب: في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾.