* وقد أجمعَ أهلُ العلم على العملِ بهذا البيانِ، وقَسموا الطلاقَ إلى سُنَّةٍ وبِدْعَةٍ.
فالسنَّةُ التي أمرَ اللهُ سبحانَهُ بها، وبيَّنَها رسولهُ -صَلَّى الله عليه وسلم - هو أن يُطَلِّقَها في طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّها فيه.
والبدعةُ أن يطلقها في الحَيْض، أو في طُهْر مَسَّها فيه، وهو حرامٌ (١)؛ لمخالفةِ أمرِ اللهِ سبحانهَ، ولقوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق: ١].
ثم اختلفَ أهلُ العلمِ في شرطينِ لطلاقِ السُّنة:
أحدهما: هل من شَرْطِه أن يقع الطلاقُ بعدَ نِكاحٍ أو رَجْعَةٍ؟ فلو طَلَّق في الطهرِ الثَّاني طلقةً ثانيةً من غيرِ أن يتقدمَها رجعة، فهو طلاقٌ لغيرِ السنَّة، أو لا؟
والثاني: هل من شرطهِ أن تقعَ تطليقةٌ واحدةٌ، وأمَّا الثلاث جملة فطلاق بدعة أو لا؟.
وباشتراطِهما قالَ مالكٌ (٢)، وخالفَهُ في الأول أبو حنيفة (٣)، وخالفه فيهما الشافعيُّ (٤).

(١) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٠/ ١١٤، ١٢٤)، و "المبسوط" للسرخسي (٦/ ٣)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ١٣٢).
(٢) انظر: "المدونة الكبرى" (٥/ ٤١٩)، و "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٤٠، ١٥٤)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ١٣٢)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٤٨).
(٣) انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٣/ ٨٨)، و "الهداية" للمرغياني (١/ ٢٢٩).
(٤) انظر: "الأم" للإمام الشَّافعي (٥/ ١٨١)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (١٠/ ١٢٦).


الصفحة التالية
Icon