والثاني: التخصيصُ بالمطلقةِ، وتسقطُ نفقةُ الحاملِ المتوفَّى عنها كَما يسقطُ سائرُ النفقاتِ بالموت، ولأنَّ اللهَ سبحانَهُ قد نسخَ المَتاع إلى الحَوْل في حَقِّ الحائِل، فيتبعُها الحامِلُ، ويروى هذا القولُ عن جابرٍ، وابن عباسٍ، وابن المسيِّبِ، وعطاءٍ، وحَسَنٍ (١)، وبه قال الفقهاءُ الأربعةُ (٢)، وإسحاقُ (٣).
* وجعل الله سبحانَهُ السُّكنى معتبرةً بوُجْدانِ الأزواجِ، فيجبُ على الأزواجِ أن يُسْكِنَّ المرأةَ على قَدْرِ سعته منزلاً يليقُ بِحالها؛ لأنَّه منَ الإمساكِ بالمعروفِ (٤).
* وأوجَبَ اللهُ للوالدات المطلقاتِ إيتاءَ الأجورِ على أبِ الطفلِ إذا أرضَعَتْ له الأمّ ولدَها، وإطلاقُ الآيةِ يتناولُ ما إذا كانَ معَ الأبِ مَنْ يرضِعُهُ لَهُ بغيرِ أجرةٍ، فالأجرةُ واجبةٌ للأمِّ، وهو كذلكَ (٥).
وفي وَجْهٍ للشَّافعيةِ لا تَجِبُ لَها على الأبِ في هذهِ الحالِ أجرةٌ (٦)، وهو ضعيفٌ؛ لأنَّ اللهَ سبحانَهُ أطلق لها الاستحقاقَ، ولم يُجَوِّزِ الانتقالَ إلى الأخرى إلَّا عندَ التَّعاسُرِ؛ بأنْ تطلُبَ أكثرَ منْ أُجْرَةِ المثل، ولأنَّ الأمَّ بطفلِها أرفقُ وأشفقُ.
وقَدْ تقدَّم الكلام على قوله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ إلى آخر الآية.
* * *
(٢) انظر: "الأم" للإمام الشَّافعي (٧/ ١٧٢)، و "أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ١١٩)، و "المدونة الكبرى" (٤/ ١٨٩)، و"مسائل الإمام أحمد -رواية ابنه صالح" (٣/ ٣١).
(٣) انظر: "مسائل الإمام أحمد وابن راهويه" (١/ ٣٩٠).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" (٢٨/ ١٤٥)، و "تفسير الثعلبي" (٩/ ٣٤٠).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" (٢٨/ ١٤٧)، و "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٣٦٠).
(٦) انظر: "المهذب" للشيرازي (٢/ ١٦٨).