ولبنِها ونَسْلِها وأَصْوافِها وأَوْبارِها، ما لَمْ يُسَمِّها هَدْياً، فإذا سَمّاها، انقطَعَتِ المنافِعُ (١).
وقالَ عطاءُ بنُ أبي رَباحٍ: هو وَقْتُ نَحْرِها (٢)، وبهِ قالَ عامَّةُ الفُقهاء (٣)؛ لأنها قبلَ تسميتِها وإيجابها لا تُسَمَّى شَعائِرَ، ولِما روى أبو هريرةَ -رضيَ اللهُ تعالى عنه-: أَنَّ رسولَ اللهِ - ﷺ - رَأَى رَجُلاً يسوقُ بَدَنَةً، فقالَ: "ارْكَبْها"، فقال: إنَّها بَدَنة، فقالَ في الثانيةِ أوِ الثالثة: "ارْكَبْها وَيْلَكَ" (٤)، خَرَّجَه البخاريُّ ومسلمٌ.
ولكنهم اختلفوا:
فذهبَ بعضُ الظاهريةِ إلى جوازِ ركوبِها من غيرِ ضَرورةٍ ما لم يُضِرَّ بِها؛ لمطلق الأمرِ، ولمخالفةِ شعارِ الجاهليةِ من إكرامِ البَحيرَةِ والسَّائبة، وهو قولُ عروةَ بنِ الزبيرِ، ومالكٍ في روايةٍ عنه، وأحمدَ، وإسحاقَ.
وذهبَ أبو حنيفةَ والشافعيُّ ومالِكٌ في الروايَةِ الصَّحيحةِ إلى جوازِ رُكوبِها عندَ الحاجةِ والضرورةِ دُونَ غيرِها (٥)؛ لقوله - ﷺ -: "ارْكَبْها
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (١٧/ ١٥٨).
(٣) انظر: "المغني" لابن قدامة (٣/ ٢٨٧)، و "المجموع" للنووي (٨/ ٢٥٦ - ٢٥٧)، و "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٧٨)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٢٢٥)، و "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٢٤١).
(٤) رواه البخاري (١٦٠٤)، كتاب: الحج، باب: ركوب البدن، ومسلم (١٣٢٢)، كتاب: الحج، باب: جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها.
(٥) انظر: "المغني" لابن قدامة (٣/ ٢٨٧)، و "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ١٢)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (٤/ ٣٧٦)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٧٨)، و "الهداية" للمرغيناني (١/ ١٨٧)، و "بداية المجتهد" لابن رشد =