روينا في "صحيح مسلم" أَنَّ ابن عُمَرَ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهما- رأى قَوْما أَضْجَعوا بَدَنَة، فقال: قياما مُقَيَّدَة، سُنَّةَ نَبِيِّكُم -صلى الله عليه وسلم- (١).
وقال أبو حنيفةَ والثوري: يستوي نَحْرُها قِياماً، وباركَةً (٢).
- ثمَّ أمرَ اللهُ سبحانَهُ بالأكلِ والإطعامِ منها:
فمنَ الفقهاءِ من حملَ الأَمْرَيْنِ على الوُجوبِ، ومنْهم من حملهما على الاستحباب، ومنهم من استحبَّ الأكلَ وأوجبَ الإطعامَ، وقد تقدَّمَ ذكرُه قريبًا.
وقد استدَلَّ مَنْ قالَ بتثليثِ لَحْمِ الأُضْحِيَةِ إمَّا وُجوبًا وإمّا استِحْبابًا بقوله تعالى: ﴿وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج: ٣٦]، ولا دليلَ فيه على التقدير، ولا سيما مع معارضَةِ قولهِ تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: ٢٨].
* وقد اختلفَ أهلُ العلمِ بالقرآنِ في حقيقةِ القانعِ والمُعْتَرِّ:
فقيلَ: لقانعُ: الذي يسألُ، والمُعْتَرُّ: المُتَعَرِّضُ، قالَ الشاعرُ (٣): [البحر الوافر]

لَمالُ المَرْءِ يُصْلِحُهُ فَيُغْنِي مفَاقِرَهُ أَعَفُّ منَ القُنوعِ
وقيل: القانعُ: الذي يَقْنَعُ ولا يَسْأَلُ، والمُعْتَرُّ: الذي يَعْتَري بالسُّؤالِ،
(١) رواه البخاري (١٦٢٧)، كتاب: الحج، باب: نحر الإبل مقيدة، ومسلم (١٣٢٠)، كتاب: الحج، باب: نحر البدن قياماً مقيدة، وهذا لفظ مسلم.
(٢) انظر: "الهداية" للمرغيناني (١/ ١٨٧)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ٧٩)، و"شرح فتح القدير" للكمال بن الهمام (٣/ ١٦٤).
(٣) هو الشماخ. انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (٢/ ١٥٦)، و"لسان العرب" (٨/ ٢٩٧).


الصفحة التالية
Icon