(من أحكام الحدود)
٢٠١ - (١) قوله عَزَّ وَجلَّ: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٢].
أقول: قد بَيَّنْتُ فيما مضَى أَنَّ هذهِ الآيةَ مُبيِّنَةٌ لآيةِ الحَبْسِ والأَذى الَّذي أَمَرَ اللهُ سبحانَهُ به في أمرِ الزُّناة في صَدْرِ الإسلام، لا أَنَّها ناسِخَةٌ لهُ.
وبيَنَ اللهُ سبحانَهُ في هذهِ الآية أَنَّ حَدَّ الزاني والزانية أَنْ يُجْلَدوا مئةَ جَلْدَةٍ، وهذا عَامٌ في كُلِّ زانٍ، مسلما كانَ أو كافِراً، مُحْصَنا أو غيرَ مُحْصَنٍ، حُرًّا أو غيْرَ حُرٍّ.
لكنْ قد أجمعَ أهلُ العلم على تخصيصِ عُمومها بالبكْرَيْنِ الحُرَّيْنِ، وأَنَّ الزانيَ إذا كانَ مُحْصَناً، فَحَدُّهُ الرَّجْمُ؛ خلافاً لقومٍ من أَهلِ الأَهْواءِ؛ حيثُ زَعَموا أَنَّ حَدَّ كُلِّ زانٍ الجَلْدُ (١).
ولا التفاتَ إليه؛ لثبوتِ الرَّجْمِ من فعلِ النبيِّ - ﷺ - وفعلِ أبي بكرٍ وعُمَرَ وعلي (٢) -رضيَ اللهُ تعالى عنهم- ولما روَى عُبادَةُ بنُ الصَّامِتِ -رضيَ الله

(١) انظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٩)، و"بداية المجتهد" (٢/ ٣٢٥)، و"التفسير الكبير" للرازي (٢٣/ ١١٧)، و" الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٢/ ١٦٠ - ١٦٢).
(٢) "وعلي" ليس في "أ".


الصفحة التالية
Icon