الإلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ الساقَيْنِ، فهو لِشَريكِ بنِ سَحْماءَ"، فجاءَتْ به كذلك، فقالَ النبيُّ - ﷺ -: "لَوْلا ما مَضَى مِنْ كتابِ اللهِ، لَكانَ لِي وَلَها شَأْنٌ" (١).
والظاهِرُ عندي - واللهُ أعلمُ - أنَّ هذه القصةَ (٢) والتي قبلَها سببُ نُزولِ هذهِ الآية؛ كما هو مُصَرَّحٌ بهِ في القِصَّتينِ (٣) من لَفْظِ النبيِّ - ﷺ -، ومن لَفْظِ الراوي في حَديثِ ابنِ عَبّاسٍ، فقد يتفقُد السؤالُ من رَجُلَيْنِ، ويُنزل اللهُ الحكمَ جواباً لهما، والتشبيهُ من النبيِّ - ﷺ - في إحدى القصتين (٤) بشَريكِ بْنِ سَحْماء، وفي الأُخْرى بِصِفَتِه يحتملُ أن يكونَ السائلانِ قذفا امرَأَتيهِما به، ويحتملُ أَنَّ أحدَهما قذفَ امرأتَهُ بهِ، والآخر قذفَ امرأتَهُ برجلٍ يشبههُ، ولست أعلم فيه شيئاً، واللهُ أعلمُ.
فَبَيَّنَ النبيُّ - ﷺ - حُكْمَ المتلاعِنَيْنِ كما بينهُ اللهُ سبحانَه، وأجمعتِ الأمةُ عليهِ.
واختلفوا في هذا البَيانِ، هلْ هوَ بطريقِ النَّسْخِ، أو بطريقِ التخصيصِ؟
فقال قومٌ: هو بطريقِ النَّسْخِ، فهذهِ الآيةُ ناسخةٌ (٥) لوجوبِ الحَدِّ على الزوجِ بِقَذْفِ زَوْجَتِه.
واحتجُّوا بحديثِ ابنِ عباس -رضيَ اللهُ تَعالى عنهما -، فإنَّه يدلُّ دَلالةً بينةً على أن الحَدَّ كان واجِباً على القاذِفِ لزوجتِه، أو لغيرِها؛ لأن النبيَّ - ﷺ -

(١) رواه البخاري (٤٤٧٠)، كتاب: التفسير، باب: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ...﴾.
(٢) في "ب": "القضية".
(٣) في "ب": "القضيتين".
(٤) في "ب": "القضيتين".
(٥) انظر: "ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه" (ص: ٤٢)، و"قلائد المرجان" (ص: ١٣٥).


الصفحة التالية
Icon