عندَ الشافعيةِ (١)، ويدلُّ عليهِ قولُه - ﷺ - أزواجِهِ لَمَّا اعتذَرْنَ بأنَّ الرجلَ أعمى: "أَفَعَمْياوانِ أَنْتُما؟ أَلَسْتُما تُبْصِرانِهِ؟ " (٢).
وحملَ بعضُهم الأمرَ على الاستحبابِ (٣)، واستدلَّ بما خَرَّجَه البخاري ومسلمٌ من حديثِ فاطمةَ بنْتِ قَيْسٍ؛ حَيْثُ أَمَرَها أن تَعْتَدَّ في بَيْتِ أُمِّ شَريكٍ، ثم قال: "تِلْكَ امرأَةٌ يَغْشاها أَصْحابي، اعْتَدِّي عندَ ابن أمِّ مكتومٍ؛ فإنُه رجلٌ أَعْمى، تَضَعينَ ثيابَكِ عندَهُ" (٤)؛ وحمل الآية والحديث على النظر إلى ما لا يَحِلُّ من العَوْراتِ، أو على الاحتياطِ.
والدلالة في حديثِ فاطمةَ ضعيفةٌ؛ فإنه لا يدلُّ على أنه أذِنَ لها أن تَنْظُرَ إليه، بَلْ عَلَّلَ النبيُّ - ﷺ - ذلكَ بأَمْنِها عندَ رؤيتِه عندَ تَكَشُّفِها؛ لكونه أعمى، فيزولُ عنها مَشَقَّةُ التَّحَرُّزِ.
* ثم نهى اللهُ سبحانَه المؤمناتِ عن إبداءِ زينتهنَّ إلَّا ما ظهرَ منها: وذلك يحتملُ أن يريدَ بالزينةِ ما تَلْبَسُ من الحُلِيِّ تحتَ الثيابِ؛
(٢) رواه أبو داود (٤١١٢)، كتاب: اللباس، باب: في قوله - عز وجل -: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾، والترمذي (٢٧٧٨)، كتاب: الأدب، باب: ما جاء في احتجاب النساء من الرجال، والإمام أحمد في "المسند" (٦/ ٢٩٦)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (١٨٤٨)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (٦٩٢٢)، وابن حبان في "صحيحه" (٥٥٧٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٩١)، عن أم سلمة.
(٣) انظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ٨١)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٢/ ٢٢٧ - ٢٢٨).
(٤) تقدم تخريج حديث فاطمة بنت قيس.