وهذا قولُ ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما (١) -.
روى عليُّ بنُ أبي طَلْحَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قوله: ﴿سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ [الحج: ٢٥]، يقولُ: ينزلُ أهلُ مَكَّةَ وغيرُهم في المَسْجِدِ الحرام (٢).
وذهب قومٌ إلى التأويل:
فقيل: سواءٌ في التَّفْضِيلِ والتَّعْظيمِ وإقامةِ النُّسُكِ فيه (٣).
وقيل: في القِبْلَة.
وقيل: في الأَمْنِ.
وسببُ هذا الاختلافِ وقوعُ الخلافِ في بَيْع دُورِ مَكَّةَ وكِرائِها:
فمن أطلقَ المسجدَ الحَرامَ على الحَرَمِ، وحملَ اللفظَ على حقيقتِه في الاخْتِصاص بالمكانِ، منعَ بيعَ دُورِ مكةَ وكِراءَها، وتوريثَها (٤).
ومن قالَ بخلافِ ذلكَ، جَوَّزَ بيعَها وكِراءها (٥).
فإن قلتَ: فهل نجدُ دليلاً من الكتابِ والسُّنَّةِ يَصْرِفُ هذا اللَّفْظَ إلى أحدِ معانيه؟
(٢) انظر: "تفسير ابن كثير" (٣/ ٢١٥)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ٢٦).
(٣) وهو قول مجاهد وعطاء، انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٦١).
(٤) وهو قول مالك وأبي حنيفة، انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ١٥٤)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٢/ ٣٣)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٦١/ ٥ - ٦٢).
(٥) وهْو قول الشافعي، انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٥/ ٣٨٥ - ٣٨٦)، و"الوسيط" للغزالي (٧/ ٤٢)، و"المجموع" للنووي (٧/ ٣٨٧)، و (٩/ ٢٣٥)، و"روضة الطالبين" للنووي (٣/ ٤١٨).