ونوعٌ بالمشروع. وهذا النَّوع -أيضًا- نوعان:
١ - صبرٌ على الأوامر.
٢ - وصبرٌ عن المناهي (١).
فذاك صبرٌ على الإرادة والفعل، وهذا صبرٌ عن الإرادة والفعل.
فأمَّا النَّوع الأوَّل (٢) من "الصبر" فمشتركٌ بين المؤمن والكافر، والبَرِّ والفاجر، ولا يثاب عليه لمجرَّدِهِ إن لم يقترن به إيمانٌ واحتسابٌ، كما قال النبىُّ - ﷺ - في حقِّ ابنته: "مُرْهَا فلْتَصْبر ولْتَحْتَسِبْ" (٣)، وقال تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١)﴾ [هود: ١١]، وقال تعالى: ﴿بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٢٥]، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٢٠].
فالصبر بدون الايمان والتقوى بمنزلة قوَّة البدن الخالي عن الإيمان والتقوى، وعلى حسب اليقين بالمشروع يكون الصبر على المقدور.
وقال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (٦٠)﴾ [الروم: ٦٠]، فأمره أن يصبر ولا يتشبه بالذين لا يقين عندهم في عدم الصبر؛ فإنَّهم لعدم يقينهم عُدِمَ صبرهم، وخَفُّوا

(١) في (ن) و (ط) و (م): النواهي.
(٢) اقتصر المؤلف -رحمه الله- على الكلام عن النوع الأول فقط، وقد تكلَّم عن النوع الثاني في "عدة الصابرين" (٥٥ - ٧٥).
(٣) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم (١٢٢٤، ٥٣٣١، ٦٢٢٨، ٦٢٧٩، ٦٩٤٢، ٧٠١٠)، ومسلم في "صحيحه" رقم (٩٢٣)، من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-.


الصفحة التالية
Icon