الموعود" وهو يوم القيامة (١)، وهو المُقْسَمُ به وعليه، كما أنَّ القرآن يُقْسَمُ به وعليه.
ودلَّ على وقوع اليوم الموعود باتفاق الرُّسُل عليه، وبما عرَّفَ عبادَهُ من حكمته وعزَّتِه التي تأْبَى أن يتركهم سُدَىً، ويخلقهم عبثًا. وبغير ذلك من الآيات والبراهين التي يستدِلُّ بها -سبحانه- على إمكانه تارةً، وعلى وقوعه تارةً، وعلى تنزيهه عمَّا يقول أعداؤه من أنَّه لا يأتي به تارةً. فالإقسام به عند من آمن بالله كالإقسام بالسماء وغيرها من الموجودات المُشَاهَدَةِ بالعِيَان.
ثُمَّ أقسَمَ -سبحانه- بـ"الشاهد" و"المشهود"، مُطْلَقَين غير مُعَيَّنَين، وأَعَمُّ المعاني فيه أنَّه: المُدْرِك والمُدْرَك، والعالِم والمعلوم، والرائي والمرئي؛ وهذا أليق المعاني به (٢)، وما عداه من الأقوال ذُكِرت على وجه التمثيل، لا على وجه التخصيص (٣).
(٢) وهذا اختيار ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (١٢/ ٥٢٣)، قال:
"والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله أقسم بشاهدٍ شَهِدَ، ومشهودٍ شُهِدَ، ولم يخبرنا مع إقسامه بذلك أيَّ شاهدٍ وأىَّ مشهود أراد، وكل الذي ذكرنا أن العلماء قالوا هو المعنىُّ؛ مما يستحق أن يقال له: شاهد ومشهود".
وانظر: "البحر المحيط" (٨/ ٤٤٣)، و"محاسن التأويل" (٧/ ٢٩٥).
(٣) وقد حكى الواحديُّ في "الوسيط" (٤/ ٤٥٨)، والبغوي في "معالم التنزيل" (٨/ ٣٨١) أنَّ أكثر المفسرين على القول بأنَّ "الشاهد": يوم الجمعة، و "المشهود": يوم النَّحْر أو يوم عرفة، وروي في ذلك أحاديث مرفوعة، لكنها لا تصح.
وانتصر لهذا القول: الشوكاني في "فتح القدير" (٥/ ٤٨٣) ونسبه إلى =