ثُمَّ أخبر -سبحانه- أنَّما أعدَّ لهم عذابَ جهنَّم وعذابَ الحريق حيث لم يتوبوا، وأنَّهم لو تابوا بعد أن فتنوا المؤمنين (١) وعذَّبُوهم بالنَّار لَغَفَرَ لهم ولم يعذِّبهم، وهذا غاية الكرم والجود.
قال الحسن: "انظروا إلى هذا الكرم والجود، يقتلون أولياءه، ويفتنونهم، وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة".
انظروا إلى كرم الرَّبِّ تعالى، يدعوهم إلى التوبة وقد فتنوا أولياءه، وحرَّقوهم بالنَّار، فلا ييأس العبدُ من مغفرتهِ وعَفْوِهِ، ولو كان منه ما كان، فلا عداوَةَ لله أعظم من هذه العداوة، ولا أكفَرَ ممَّن حرَّقَ بالنَّار من آمن به، وعَبَدَهُ (٢) وحدَه، ومع هذا فلو تابوا لم يعذِّبهم، وألحَقَهم بأوليائه.
ثُمَّ ذكر -سبحانه- جزاء أوليائه المؤمنين، ثُمَّ ذكر شِدَّة بَطْشِهِ (٣) وأنَّه لا يعجزه شيءٌ، فإنَّه هو المبدئ المعيد، ومن كان كذلك فلا أشدَّ من بطشه، وهو مع ذلك الغفور الودود، يغفر لمن تاب إليه ويَوَدُّهُ ويحبُّهُ، فهو -سبحانه- الموصوفُ بشدَّةِ البَطْشِ، وهو مع ذلك الغفور الودود.
و"الوَدُودُ": المتودِّدُ إلى عباده بِنعَمِه، الذي يَوَدُّ من تاب إليه وأَقْبلَ عليه.

(١) في (ح) و (م): أولياءه.
(٢) ساقط من (ز).
(٣) ساقط من (ز).


الصفحة التالية
Icon