جُعِلْنَ في تُرْسٍ" (١).
فكيف لا يكون مجيدًا وهذا شأنه؟ فهو عظيمٌ، كريمٌ، مجيدٌ.
وأمَّا تكلُّفُ هذا المتكلِّفِ جَرَّهُ على الجِوَار (٢)، أو أنَّه صفةٌ لـ"ربِّك" = فتكلُّفٌ شديدٌ، وخروجٌ عن المألوف في اللغة من غير حاجةٍ إلى ذلك.
وقوله تعالى: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦)﴾ دليلٌ على أمورٍ:
أحدها: أنَّه -سبحانه- يفعل بإرادته ومشيئته.
الثاني: أنَّه لم يزل كذلك؛ لأنَّه ساق ذلك في (٣) معرض المدح والثناء على نفسه، وأنَّ ذلك من كماله سُبحانه، فلا يجوز أن يكون عادمًا لهذا الكمال في وقتٍ من الأوقات، وقد قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٧)﴾ [النحل: ١٧]، وما كان من أوصاف كماله ونعوت جلاله لم يكن حادثًا بعد أن لم يكن.
الثالث: أنَّه إذا أراد شيئًا فَعَلَه، فإنَّ "ما" موصولة عامةٌ، أي: يفعل كلَّ ما يريد أن يفعله، وهذا في إرادته المتعلِّقة بفعله.

(١) لم أجد هذا الأثر عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بهذا اللفظ.
وأخرج ابن جرير في "تفسيره" (٥/ ٣٩٩)، وأبو الشيخ في "العظمة" رقم (٢٢٠)، من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه: أن رسول الله - ﷺ - قال: "ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعةٍ أُلقيت في تُرْسٍ".
قال الذهبي: "هذا مرسلٌ، وعبد الرحمن ضُعِّف". "العلو" رقم (٢٧٩).
وصححه الألباني بمجموع طرقه كما في "السلسلة الصحيحة" رقم (١٠٩).
(٢) في (ح) و (م): إلى الجواز.
(٣) ساقط من (ز).


الصفحة التالية
Icon