فَعَلَه، وما فَعَلَهُ فقد أراده. بخلاف المخلوق، فإنَّه يريد ما لا يفعل، وقد يفعل ما لا يريد، فما ثَمَّ فغَالٌ لما يريد إلا اللهُ وحده.
الخامس: إثبات إراداتٍ متعدِّدةٍ بحسب الأفعال، وأنَّ كلَّ فعلٍ له إرادةٌ تخصُّه. وهذا هو المعقول في الفِطَر، وهو الذي يعقله النَّاس من الإرادة، فشأنه -تعالى- أنْ يريد على الدوام، ويفعل ما يريد.
السادس: أنَّ كل ما صحَّ أن تتعلق به إرادته جازَ فِعْلُه؛ فإذا أراد أن ينزل كل ليلةٍ إلى سماء الدنيا، وأن يجيء يوم القيامة لفصل القضاء، وأن يُرِيَ نفسَهُ لعباده، وأن يتجلَّى لهم كيف شاء، وأن يخاطبهم، ويضحك إليهم، وغيرَ ذلك ممَّا يريد سبحانه = لم يمتنع عليه فعلُهُ، فإنَّه فعَّالٌ لما يريد. وإنَّما يتوقَّفُ صحَّةُ ذلك على إخبار الصادق به، فإذا أخبر به وجَبَ التصديقُ به، وكان رَدُّهُ ردًّا لكماله الذي أخبر به عن نفسه، وهذا عين الباطل.
وكذلك إذا أمكن إرادته -سبحانه- مَحْوَ ما شاء، وإثباتَ ما شاء = أمكَنَ فِعْلُه، وكانت تلك الإرادة والفعل من مقتضيات كماله المقدَّس.
وقد اشتملت هذه السورة -على اختصارها- من التوحيد على:
وَصفِه -سبحانه- بـ"العِزَّة"؛ المتضمِّنة للقُدرةِ والقوَّةِ، وعَدَمِ النَّظِير.
و"الحمدِ" المتضمِّن لصفات الكمال، والتنزيه عن أضدادها، مع محبَّته وإلهيَّته.
ومُلْكِه السماوات والأرض؛ المتضمِّن لكمال غِنَاهُ، وسَعَةِ ملكه.
وشهادتِهِ على كلِّ شيءٍ؛ المتضمِّن لعموم اطِّلاَعه على ظواهر