من عذاب الله؛ لا بقوَّةٍ منه، ولا بقوَّةٍ من خارجٍ -وهو "النَّاصر"-، فإنَّ العبد إذا وقع في شدَّةٍ: فإمَّا أن يَدْفَعَها بقوَّتِه، أو بقوَّةِ من يَنْصُرُه، وكلاهما معدومٌ في حَقِّهِ، ونظيره قوله سبحانه: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣)﴾ [الأنبياء: ٤٣].
ثُمَّ أقسَمَ -سبحانه- بـ ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (١٢)﴾، فأقسم بالسماءِ وَرَجْعِها بالمَطَر، والأرض وَصَدْعِها بالنَّبَات.
قال الفَرَّاء: "تُبْدِي بالمطر ثُمَّ تَرْجِعُ به في كُلِّ عامٍ" (١).
وقال أبو إسحاق: "الرَّجْعُ: المطر؛ لأنَّه يجيءُ (٢) ويرجع ويتكرَّر" (٣).
وكذا قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "تُبْدِي بالمطر ثُمَّ ترجع به في كلِّ عام" (٤).
والتحقيقُ: أنَّ هذا على وجه التمثيل، ورَجْعُ السماء: هو إعطاءُ الخير الذي يكون من جِهَتِها حالاً بعد حالٍ، على مرور الأزمان. تَرْجِعُهُ
(٢) من قوله: "قال الفرَّاء... " إلى هنا؛ ساقط من (ز).
(٣) "معاني القرآن" للزجَّاج (٥/ ٣١٢).
(٤) أخرجه: عبد الرزاق في "تفسيره" (٢/ ٣٦٥)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (٨/ ٢٦٢)، وأبو الشيخ في "العظمة" رقم (٧٤٦)، والطبري في "تفسيره" (١٢/ ٥٣٨ - ٥٣٩)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٥١٩) رقم (٣٩٧٥) وصححه ووافقه الذهبي.
وزاد السيوطي نسبته إلى: الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. "الدر المنثور" (٦/ ٥٦١).