وكذلك قال مقاتل: "هو الذي يكون بعد غروب الشمس في الأُفُق قبل الظُّلْمة" (١).
وقال عكرمة: "هو بَقِيَّةُ النَّهَار" (٢)؛ وهذا يحتمل أن يريد به أنَّ تلك الحُمْرَة بقية ضوء الشمس التي هي آية النَّهار.
وقال مجاهد: "هو النَّهار كلُّه" (٣). وهذا ضعيفٌ جدًّا (٤)، وكأنَّه لمَّا رآهُ قَابَلَهُ بـ"الليل وما وسق"، ظنَّ أنَّه النَّهار، وهذا ليس بلازِمٍ.
الثاني: قَسَمُهُ بالليل وما وَسَقَ، أي: وما ضَمَّ، وحَوَى، وجَمَع.
والليل آيةٌ، وما ضَمَّهُ وحَوَاهُ آيةٌ أخرى. والقَمَرُ آيةٌ، واتساقُهُ آيةٌ أخرى.
و"الشَّفَقُ" يتضمَّنُ إدبارَ النَّهار، وهو آيةٌ، وإقبالَ الليل، وهو آيةٌ أخرى، فإنَّ هذا إذا أدبر خَلَفَهُ الآخَرُ، يتعاقبان لمصالح الخَلْقِ، فإدبارُ النَّهار آيةٌ، وإقبالُ الليل آيةٌ، وتَعَقُّبُ أحدِهِما للآخَرِ آيةٌ (٥)، والشَّفَقُ الذي هو متضمِّنٌ للأمرين آيةٌ.

(١) "تفسيره" (٣/ ٤٦٨).
(٢) انظر: "الكشف والبيان" للثعلبي (١٠/ ١٦٠)، و"معالم التنزيل" (٨/ ٣٧٥).
(٣) أخرجه: عبد الرزاق في "تفسيره" (٢/ ٣٥٩)، وابن جرير في "تفسيره" (١٢/ ٥١٠ - ٥١١)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٤١١).
وصححه ابن كثير في "تفسيره" (٨/ ٣٥٨).
(٤) وكذا قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" (١٥/ ٣٧٩)، وقال الشوكاني: "ولا وجه لهذا". "فتح القدير" (٥/ ٤٧٣).
(٥) هذه العبارة ساقطة من (ز)، وبدلاً عنها: وما حواه آية.


الصفحة التالية
Icon