والاختلاف على الرُّسُل" (١).
وأنتَ إذا تأمَّلْتَ هذا المُقْسَمَ به والمُقْسَمَ عليه وجدتَّه من أعظم الآيات الدَّالَّةِ على الربوبية، وتغييرِ الله -سبحانه- العالَم، وتصريفِهِ له كيف أراد، ونقلِهِ إيَّاهُ من حالٍ إلى حالٍ، وهذا محالٌ أن يكون بنفسه من غير فاعِلٍ مدبِّرٍ له، ومحالٌ أن يكون فاعله غير قادرٍ، ولا حَيٍّ، ولا مريدٍ (٢)، ولا حكيمٍ، ولا عليمٍ، فكلاهما في الامتناع سواء.
فالمقسَمُ به وعليه من أعظم الأدلَّة على ربوبيته، وتوحيدِهِ، وصفاتِ كماله، وصِدْقِه، وصِدْقِ رُسُلِهِ، وعلى المَعَادِ، ولهذا عقَّبَ ذلك بقوله: ﴿فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠)﴾؛ إنكارًا على من لم يؤمن بعد ظهور هذه الآيات المستلزِمة لمدلولها أتَمَّ استلزامٍ.
وأنكر عليهم عدم خضوعِهم وسجودِهم للقرآن المشتمِلِ على ذلك بأفصح عبارةٍ، وأبْيَنِها، وأجْزَلها، وأوجَزِها. فالمعنى أشرف معنىً، والعبارةُ أشرفُ عبارةٍ، غايةُ الحقِّ بغايةِ البيانِ والفصاحةِ.
﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (٢٢)﴾ ولا يصدِّقُون بالحق جحودًا وعنادًا، والله أعلم بما يُضْمِرُون في صدورهم ويكتمونه، وما يسرُّونه من أعمالهم وما يجمعونه، فيجازيهم عليه بعلمه وعدله، ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٢٥)﴾.
(٢) في (ز): مدبر.