السادس: أنَّه لو كان جمعًا للظِّباء لقال: الخُنْس -بالتسكين-؛ لأنَّه جمع: أَخْنَس، فهو كَأَحمَر وحُمْر، ولو أُريد به جمع (بقرةٍ خَنْسَاء) لكان على وزن "فُعْل" -أيضًا- كَحَمْرَاء وحُمْر، فلمَّا جاءَ جمعُه على "فُعَّل"- بالتشديد- استحال أن يكون جمع الواحد من الظِّبَاء والبقر؛ وتعيَّن أن يكون جمعًا لـ"خَانِس"، كَشَاهِدٍ وشُهَّد، وصَائِمٍ وصُوَّم، وقَائِمٍ وقُوَّم، ونظائرها.
السابع: أنَّه ليس بالبيِّنِ إقسامُ الرَّبِّ -تعالى- بالبقر والغزلان، وليس هذا عُرْف القرآن ولا عادته، وإنَّما يُقْسِم -سبحانه- من كلِّ جنْسٍ بأعلاه، كما أنَّه لمَّا أقسَمَ بالنُّفُوس أقسَمَ بأعلاها، وهي النَّفْس الإنسانية.
ولمَّا أقْسَمَ بكلامه أقْسَمَ بأشرفه وأجلِّه؛ وهو: القرآن.
ولمَّا أقْسَمَ بالعُلْويَّات أقسَمَ بأشرفها وهي (١): السماءُ، وشمسُها، وقمرُها، ونجومُها.
ولمَّا أقسَمَ بالزَّمان أقسَمَ بأشرفه، وهو: الليالي العشر.
وإذا أراد -سبحانه- أن يُقْسِمَ بغير ذلك أدرجه في العموم، كقوله عزَّ وجل: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) {وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩)﴾ [الحاقة: ٣٨ - ٣٩]، وقوله: ﴿الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣)﴾ [الليل: ٣] في قراءة (٢)
(٢) رفعه أبو الدرداء إلى النبيِّ - ﷺ -كما في "صحيح البخاري" رقم (٤٩٤٣ و ٤٩٤٤)، و"صحيح مسلم" رقم (٨٢٤).
وقرأ بها: ابن مسعود، وأبو الدرداء، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس -رضي الله عنهم-. "المحتسب" (٢/ ٣٦٤)، و"الشواذ" (١٧٤). =