المعنى على قول من يقول: ﴿ص﴾ الصادق الله، أو صَدَقَ محمد - ﷺ - ".
وذكر الفرَّاء (١) هذا الوجه -أيضًا- فقال: " ﴿ص﴾ جواب القَسَم". وقال: "هو كقولك: وجَبَ واللهِ، ونَزَلَ واللهِ، فهي جوابٌ لقوله: ﴿وَالْقُرْآنِ﴾ " (٢).
وذكر النحَّاسُ وغيرُه وجهًا آخر في الجواب، وهو أنَّه محذوفٌ تقديره: والقرآن (٣) ذي الذِّكْر، ما الأمرُ كما يقوله هؤلاء الكفار. ودلَّ على المحذوف قوله تعالى: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ (٤).
وهذا اختيار ابن جرير (٥)، وهو مخرَّجٌ من قول قتادة، وشَرَحه الجُرْجَانيُّ (٦)، فقال: ""بَلْ" رافِعٌ لخبرٍ قبله، ومثبتٌ لخبرٍ بعدَه، فقد ظهر ما بعده، وأُضْمِرَ ما قبله، وما بعده دليلٌ على ما قبله، فالظاهر يدلُّ على الباطن، فإذا كان كذلك وجَبَ أن يكون قوله: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (٢)﴾ مخالفًا لهذا المُضْمَر، فكأنَّهُ قيل: والقرآن ذي الذِّكْر إنَّ
(١) هو أبو زكريا يحيى بن زياد الفرَّاء الديلمي، إمام الكوفيين، وأمير المؤمنين في النحو، صنف: "معاني القرآن"، و"الحدود"، و"اللغات"، وغير ذلك، توفي بطريق مكة سنة (٢٠٧ هـ) رحمه الله.
انظر: "إنباه الرواة" (٤/ ٧)، و"نزهة الألباء" (٩٨).
(٢) "معاني القرآن" (٢/ ٣٩٦)، واستحسنه ابن الأنباري في "إيضاح الوقف والابتداء" (٢/ ٨٦٠). وضعفه ابن هشام في "مغني اللبيب" (٦/ ٥١٨) وغيره.
(٣) من قوله:
"وذكر النحَّاس وغيره | " إلى هنا؛ ساقط من (ز). |
(٥) انظر: "جامع البيان" (١٠/ ٥٤٧).
(٦) هو الحسن بن يحيى الجُرْجَاني، وقد سبقت ترجمته (ص/ ١٧).