الوصف: الملائكةُ؛ لأنَّ هذه القوَّة فيها أكملُ، وموضع الآية (١) فيها أعظم، فهي التي تُغرق في النَّزْع إذا طلبت ما تنزعه أو تنزع إليه، و"النَّفْس الإنسانية" -أيضًا- لها هذه القوَّة، والنُّجُوم -أيضًا- تنزع من أُفُقٍ إلى أُفُقٍ.
فالنَّزعُ: حركةٌ شديدةٌ، سواء كانت من مَلَكِ، أو نفسٍ إنسانيةٍ، أو نجمٍ.
والنُّفُوسُ تَنزِعُ إلى أوطانها، وإلى مَألَفِها، وعند الموت تَنزِعُ إلى ربِّها، والمنايا تَنزِعُ النُّفُوسَ، والقِسِيُّ تَنزِعُ بالسِّهَام، والملائكةُ تَنزِعُ من مكانٍ إلى مكانٍ، وتَنزِعُ ما وُكِّلَت بنَزْعِه، والخيلُ تَنزِعُ في أَعِنَّتِها نزعًا تغرق فيه الأعِنَّة لطول أعناقها.
فالصفةُ واقعةٌ على كلِّ من له هذه الحركة التي هي آيةٌ من آيات الرَّبِّ تعالى؛ فإنَّه هو الذي خلقها وخلق مَحَلَّها، وخلق القوَّة والنَّفْس التي بها تتحرَّك، ومن ذكر صورةً من هذه الصور فإنَّما أراد التمثيل، وإن كانت الملائكةُ أحقَّ من تناوله هذا الوصف.
فأَقْسَمَ بطوائف الملائكة وأصنافهم:
"النَّازِعَات": التي تنزع الأرواح من الأجساد.
و"النَّاشِطَات": التي تنشطها، أي: تُخرجها بسرعةٍ وخِفَّة، من قولهم: نَشَطَ الدَّلْوَ من البئر؛ إذا أخرجها، وأنا أَنْشَطُ لكذا أي: أَخَفُّ له وأسرع.