وقيل: هي السُّفُن تسبح في الماء.
وقيل: هي نفوس المؤمنين تسبح بعد المفارقة صاعدةً إلى ربِّها.
قلت: والصحيح أنَّها الملائكة، والسياق يدلُّ عليه، وأمَّا السُّفُن والنُّجُوم فإنَّما تسمَّى: جاريةً وجَوَارٍ، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (٣٢)﴾ [الشورى: ٣٢]، وقال تعالى: ﴿حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١)﴾ [الحاقة: ١١]، وقال تعالى: ﴿الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (١٦)﴾ [التكوير: ١٦]؛ ولم يُسَمِّها "سابحات"، وإن أطلق عليها فعل السباحة، كقوله تعالى: ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)﴾ [يس: ٤٠].
ويدلُّ عليه ذِكْرُهُ "السَّابقات" بعدها و"المدبِّرات" بـ"الفاء"، وِذِكْرُهُ الثلاثةَ الأُوَلَ بـ"الواو"؛ ولأنَّ السَّبْقَ والتدبيرَ مسبَّبٌ عن المذكور قبله، فإنَّها نَزَعَتْ، ونَشِطَتْ، وسَبَحَتْ، فَسَبقَتْ إلى ما أُمرت به فَدَبَّرَتْهُ، ولو كانت "السَّابحات" هي السُّفُن أو النُّجُوم أو النُّفُوس الآدميَّة لَمَا عَطَفَ عليها فعل الَسَّبْقِ والتدبير بـ"الفاء"، فتأمَّلْهُ.
قال مسروق، ومقاتل (١)، والكلبي: ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (٤)﴾: هم الملائكة".
قال مجاهد، وأبو رَوْق (٢): "سبقت ابنَ آدم بالخير، والعمل الصالح، والإيمان، والتصديق".
(٢) هو عطية بن الحارث، أبو رَوْق الهَمْداني الكوفي، المحدِّث صاحب التفسير، روى له الأربعة إلا الترمذي.
انظر: "تهذيب الكمال" (٢٠/ ١٤٣).