يدخل في ذلك إرسال الرِّياح، ولا الصواعق، ولا الشياطين.
وأمَّا إرسال الأنبياء فلو أُريد لقال: والمرسلين، وليس بالفصيح تسمية الأنبياء "مرسلات"، وتكلُّف: (الجماعات المرسلات) (١) خلاف المعهود من استعمال اللفظ، فلم يطلق في القرآن جمعُ ذلك إلا جمعَ تذكيرٍ لا جمع تأنيثٍ.
وأيضًا؛ فاقتران اللفظة بما بعدها من الأقسام لا يناسب تفسيرها بالأنبياء.
وأيضًا؛ فإنَّ الرُّسُلَ مُقْسَمٌ عليهم في القرآن لا مقسَمٌ بهم كقوله تعالى: ﴿تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [النحل: ٦٣]، وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢)﴾ [البقرة: ٢٥٢]، وقوله -عزَّ وجلَّ-: ﴿يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣)﴾ (٢) [يس: ١ - ٣].
٢ - وإن كان "العُرْف" من: التَتَابع، كـ"عُرْف الفَرَس" و"عُرْف الدِّيْك"، والنَّاس إلى فلانٍ عُرْفٌ واحد، أي: سابقون في قصده والتوجه إليه = جاز أن تكون "المرسلات": الرِّياح، ويؤيده عَطْف "العاصِفات" عليه و"النَّاشِرات".
وجاز أن تكون: الملائكة، وجاز أن يَعُمَّ النَّوعين؛ لِوَقْعِ

(١) قال السمين الحلبي: "وقد يقال: كيف جَمَعَ صفةَ المذكر العاقل بالألف والتاء، وحقه أن يُجْمع بالواو والنون؟ تقول: الأنبياء المرسلون، ولا تقول: المرسلات. فالجواب: أن "المرسلات" جمع مُرْسَلَة، و (مُرْسَلَة) صفةٌ لجماعةٍ من الأنبياء، فالمرسلات جمعُ (مُرْسَلَة) الواقعةِ صفةً لجماعة، لا جمعُ (مُرْسَل) المفرد". "الدر المصون" (١٠/ ٦٢٩).
(٢) هذه الآيات الثلاث غير موجودة في (ز).


الصفحة التالية
Icon