فصل
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢)﴾ [القيامة: ١ - ٢]، وقد تقدَّمَ ذِكْرُ هذين القَسَمَين (١)، ومناسبةِ الجمع بينهما في الذِّكْر، وكونِ الجواب غير مذكورٍ، وأنَّه يجوز أن يكون ممَّا حُذِف لدلالة السياق عليه والعلم به، ويجوز أن يكون من القَسَم المقصود به التنبيه على دلالة المُقْسَم به، وكونه آيةً، ولم يقصد به (٢) مُقْسَمًا عليه معيَّنًا، فكأنَّه يقول: اذْكر يومَ القيامة، والنَّفْسَ اللوَّامة، مُقْسَمًا بهما، لكونهما (٣) من آياتنا، وأدلَّة ربوبيتنا.
ثُمَّ أنكر على الإنسان بعد هذه الآية حُسْبَانَهُ وظَنَّهُ أن الله لا يجمع عظامه بعدما فرَّقَها البِلَى.
ثُمَّ أخبر -سبحانه- عن قدرته على جمع بَنَانِهِ وهي العظام الصِّغَار، ونَبَّهَ -بقدرته على جمع هذه العظام مع صِغَرها ودِقَّتها- على قدرته على جمع غيرها من عظامه.
وعلى هذا فيكون -سبحانه- قد احتجَّ على فعله لما أنكره أعداؤه بقدرته عليه، فأخبر عن فعله، فإنَّه لا يلزم من القُدْرة وقوع المقدور، والمعنى: بل نجمعها قادرين على تسوية بنانه.
ودلَّ على هذا الفعل المحذوف قوله: ﴿بَلَى﴾، فإنَّها حرف إيجابٍ لما تقدَّمَ من النَّفْي، فلهذا استغنى عن ذكر الفعل بذكر الحرف الدالِّ
(١) راجع (ص/ ٢٢).
(٢) من قوله:
(٣) في (ز): مقسمًا بها لكونها.
(٢) من قوله:
"التنبيه على دلالة | " إلى هنا؛ ساقط من (ز). |