فما أجمع هذه السورة لِمَعَاني الجمع والضَّمِّ، وقد افتُتِحَت بالقَسَم بـ"يوم القيامة" الذي يجمع الله فيه بين الأوَّلين والآخرين، وبـ"النَّفْس اللوَّامة" التي اجتمع فيها هُمُومُها، وعُزُومُها، وإراداتُها (١)، واعتقاداتُها.
وتضمَّنَت ذكر المبدأ، والمَعَادِ، والقيامةِ الصُّغرى والكُبرى، وأحوالِ النَّاس في المَعَاد، وانقسام وجوهِهِم إلى ناضرة مُنَعَّمَةٍ، وباسِرةٍ معذَّبةٍ.
وتضمَّنَت وصف "الرُّوْح" بأنَّها جسمٌ ينتقل من مكانٍ إلى مكانٍ، فتُجْمَعُ من تَفَاريق البدن حئى تبلغ التَّرَاقي، ويقول الحاضرون: ﴿مَنْ رَاقٍ (٢٧)﴾، أي: من يَرْقي من هذه العلّة التي أَعْيَت على الحاضرين، أي: التمسُوا له من يرقيه، والرُّقْيَةُ آخر الطِّبِّ (٢).
أو قيل: مَنْ يَرْقَى بها ويصعد، أملائكةُ الرحمة أم ملائكةُ العذاب؟ (٣)
فعَلَى الأوَّل؛ تكون مِن: رَقَى يَرْقِي، كـ: رَمَى يَرْمِي.
وعلى الثاني؛ مِن: رَقِيَ يَرْقَى، كـ: شَقِيَ يَشْقَى. ومصدره
(٢) قال به: ابن عباس في رواية عكرمة عنه، وأبو قلابة، وقتادة، والضحَّاك، وابن زيد.
انظر: "المحرر الوجيز" (١٥/ ٢٢٢)، و "تفسير ابن كثير" (٨/ ٢٨٢).
(٣) وهو قول: ابن عباس في رواية أبي الجوزاء عنه، وأبي العالية، وسليمان التيمي، ومقاتل بن سليمان.
انظر: "الكشف والبيان" (١٠/ ٨٩)، و"الجامع" (١٩/ ١٠٩).