فَذِكْرُها لهذا (١) هو من (٢) تمام وصفها لمحاسنه، وأنَّه في غاية المحاسن ظاهرًا وباطنًا.
وينظر إلى هذا المعنى ويناسبه قوله تعالى: ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (١١٩)﴾ [طه: ١١٨ - ١١٩]، فقابَلَ بين الجوع والعُرِيِّ؛ لأنَّ الجوعَ ذُلُّ الباطن، والعُرِيَّ (٣) ذُلُّ الظاهر. وقابَلَ بين الظمأ وهو حَرُّ الباطن، والضُّحَى وهو حرُّ الظاهر بالبروز للشمس.
وقريبٌ من هذا قوله -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [البقرة: ١٩٧]؛ ذَكَرَ الزادَ الظاهر الحِسِّيَّ (٤)، والزادَ الباطن المعنويَّ، فهذا زاد سفر الدنيا، وهذا زاد سفر الآخرة.
ويُلِمُّ به قول هود: ﴿وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾ [هود: ٥٢]؛ فالأوَّل: القوَّة الظاهرة (٥) المنفصلة عنهم، والثاني: الباطنة المتصلة بهم.
ويشبهه قوله تعالى: ﴿فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ﴾ [الطارق: ١٠]، فنفى عنه (٦) الدَّافِعَيْن: الدافع من نفسه وقُوَاهُ (٧)، والدافع من خارجٍ، وهو النَّاصر.
(٢) ساقط من (ز).
(٣) "ذُلُّ الباطن، والعُرِيَّ" ملحق بهامش (ح).
(٤) تصحفت في (ز) إلى: الحسنى!
(٥) في (ز): قوة الظاهر.
(٦) في (ن) و (ك) و (ح) و (ط) و (م): عنهم.
(٧) في (ن) و (ك) و (ح) و (ط) و (م): أنفسهم وقواهم.